فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَأَوۡجَسَ فِي نَفۡسِهِۦ خِيفَةٗ مُّوسَىٰ} (67)

{ أوجس } أحس وأضمر .

{ قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى } عرضوا على موسى إما أن يكون إلقاؤه أولا ، أو يكون إلقاؤهم أولا ؛ اختر أحد الأمرين ؛ { قال بل ألقوا } قال موسى : بل ألقوا أنتم أولا ؛ { فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون ){[2032]} ؛ { . . فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم ){[2033]} ؛ { فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى . فأوجس في نفسه خيفة موسى } أي : فألقوا فإذا الحبال والعصي التي اصطحبوها تخدع الناس حتى ظنوا أنها استحالت إلى حيات وثعابين ؛ وخيل إلى موسى عليه السلام أن بها حركة وقيل : أراد أنه شاهد شيئا لولا علمه بأنه لا حقيقة لذلك الشيء لظن فيها أنها تسعى ، فيكون تمثيلا . . . وذلك الخوف إما جبلة بشرية حين ذهل عن الدليل ، وهو قول الحسن ، وإما لأنه خاف أن يخالج الناس شك فلا يتبعوه ، قاله مقاتل ؛ أو خاف أن يتأخر نزول الوحي عليه في ذلك الوقت ، أو خاف أن يتفرق بعض القوم قبل أن يشاهدوا غلبته . . فأزال الله تعالى خوفه {[2034]} .

{ قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى } جاءته البشرى من ربنا ، فلا مجال للخوف ، وختمت الآية بأنواع كثيرة من التوكيد { إن } وتوسيط الضمير المنفصل { أنت } ، وكون الخبر معرفا ، ولفظ العلو ومعناه الغلبة ، وصورة التفضيل ولا فضل لهم .


[2032]:- سورة الشعراء الآية 44.
[2033]:سورة الأعراف. من الآية116.
[2034]:ما بين العارضتين مما نقل النيسابوري.