اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَأَوۡجَسَ فِي نَفۡسِهِۦ خِيفَةٗ مُّوسَىٰ} (67)

و { أَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً } وأوجَسَ{[25484]} : أضمر في نفسه خوفاً . ( وقيل : وجد في نفسه خيفة ){[25485]} .

فإن قيل : كيف استشعر الخوف وقد{[25486]} عرض عليه المعجزات الباهرة كالعصا واليد ، فجعل العصا حيَّة عظيمة ، ثم إنه تعالى أعادها لما كانت ، ثم أعطاه الاقتراحات الثمانية ، وذكر ما أعطاه قبل ذلك من المنن وقال له بعد ذلك كله : { إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وأرى }{[25487]} ، فمع هذه المقدمات الكثيرة كيف وقع الخوف في قلبه ؟

فالجواب من وجوه :

أحدها : قال الحسن : " إن ذلك الخوف إنما{[25488]} كان لطبع البشرية من ضعف القلب{[25489]} وإن كان قد علم موسى أنهم لا يصلون إليه وأن الله ناصره .

والثاني : قال مقاتل : خاف على القوم أن يلتبس عليهم الأمر فيشكوا في أمره ، فيظنون أنهم قد ساووا موسى - عليه السلام{[25490]} - ويؤكده قوله تعالى : { لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأعلى }{[25491]} .

الثالث : خاف حيث بدأوا{[25492]} وتأخر إلقاؤه أن ينصرف بعض القوم قبل مشاهدة ما يلقيه ، فيدوموا على اعتقاد باطل .

الرابع : لعلَّه - عليه السلام{[25493]}- كان مأموراً بأن لا يفعل شيئاً إلا بالوحي ، فلما{[25494]} تأخر نزول الوحي في ذلك الجمع بقي في الخجل .

الخامس : لعل - عليه السلام-{[25495]} خاف من أنه لو أبطل سحرهم ، فلعلَّ فرعون قد أعد{[25496]} أقواماً آخرين فيحتاج مرة أخرى إلى إبطال سحرهم وهلم جرَّا ، فلا يظهر له مقطع وحينئذ لا يتم الأمر ولا يحصل المقصود{[25497]} .

فصل

اختلفوا في عدد السحرة ، فقال الكلبي : كانوا اثنين وسبعين ساحراً ، اثنان من القبط ، وسبعون{[25498]} من بني إسرائيل ، أكرههم فرعون على ذلك مع كل واحد منهم عصا وحبل .

وقال ابن جريج{[25499]} : تسعمائة ، ثلاثمائة من الفرس ، وثلاثمائة من الروم ، وثلاثمائة من الإسكندرية . وقال وهب : خمسة عشر ألفاً . وقال السدي : بضعة وثلاثون ألفاً{[25500]} .

وقال القاسم بن سلام : سبعون ألفاً . وظاهر القرآن لا يدل على شيء من هذه الأقوال{[25501]} .


[25484]:أوجس: سقط من ب.
[25485]:ما بين القوسين سقط من ب.
[25486]:في ب: وهو . وهو تحريف.
[25487]:[طه: 46].
[25488]:في ب: وإنما. وهو تحريف.
[25489]:لقلب: سقط من الأصل.
[25490]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[25491]:من الآية 68 من السورة نفسها.
[25492]:في ب: بدأه.
[25493]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[25494]:في الأصل: فلو. وهو تحريف.
[25495]:ي ب: عليه الصلاة والسلام.
[25496]:ي ب: أوعد. وهو تحريف.
[25497]:انظر الفخر الرازي 22/84.
[25498]:ي الأصل: وسبعين. وهو تحريف.
[25499]:في ب: وقال ابن جريح وعكرمة.
[25500]:في ب: عشرون ألفا.
[25501]:انظر الفخر الرازي 22/83.