{ وإن ربك لهو العزيز الرحيم } ويقينا مؤكدا أن وليك ومعبودك ومصلحك لهو الذي يغلب ولا يغلب ، وإنه لهو الرحيم بأحبابه وأنصار دينه ، يؤيدهم في العاجلة على من عاداهم ، وينعمهم في الآخرة ويكرم مثواهم ، - يقول تعالى ذكره : إن في تعذيبنا قوم شعيب عذاب يوم الظلة بتكذيبهم نبيهم شعيب لآية لقومك يا محمد ، وعبرة لمن اعتبر أن اعتبروا أن سنتنا فيهم بتكذيبهم إياك سنتنا في أصحاب الأيكة{ وما كان أكثرهم مؤمنين } في سابق علمنا فيهم ، { وإن ربك } يا محمد{ لهو العزيز } في نقمته ممن انتقم منه من أعدائه ، { الرحيم } بمن تاب من خلقه وأناب إلى طاعته-{[2781]} .
وهكذا قص الله تعالى علينا من أنباء الرسل في هذه السورة المباركة سبع قصص : قصة موسى وهارون عليهما السلام مع فرعون وملئه ، حتى الآية الكريمة الثامنة والستين ، وقصة إبراهيم عليه السلام وما تبعها حتى الآية المباركة الرابعة بعد المائة ، ثم قصة نوح عليه السلام حتى الثانية والعشرين بعد المائة ، ثم قصة هود عليه السلام مع قومه حتى الآية الأربعين بعد المائة ، ثم قصة صالح عليه السلام مع قومه حتى الآية التاسعة والخمسين بعد المائة ، ثم قصة لوط عليه السلام مع قومه حتى الآية الخامسة والسبعين بعد المائة ، ثم ختمت بقصة شعيب عليه السلام مع أصحاب الأيكة حتى الآية الحادية والتسعين بعد المائة ، [ ولعل الاقتصار على هذا العدد- على ما قيل- لأنه عدد تام ، وأنا أفوض العلم بسر ذلك ، وكذا العلم بسر ترتيب القصص على هذا الوجه لحضرة علام الغيوب جل شأنه ]{[2782]} .
مما نقل صاحب تفسير غرائب القرآن . . : واعلم أنه سبحانه كرر بعض الآيات في هذه السورة لأجل التأكيد والتقرير ، فمن ذلك أنه كرر قوله : { إن في ذلك لآية } إلى قوله : { الرحيم } في ثمانية مواضع : أولها- في ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، والثانية- في قصة موسى ، ثم إبراهيم ، ثم نوح ، ثم هود ، ثم صالح ، ثم لوط ، ثم شعيب ، ومن ذلك قوله : { ألا تتقون . إني لكم رسول أمين . فاتقوا الله وأطيعون . وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين } وهو مذكور في خمسة مواضع : في قصة نوح ، وهود ، وصالح ، ولوط ، وشعيب ، ومن ذلك أنه كرر{ فاتقوا الله وأطيعون } في قصة نوح وهود وصالح ، ليس في ذكر النبي صلى الله عليه وسلم : ما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ، لذكرها في مواضع من غير هذه السورة ، وليس في قصة موسى لأنه رباه فرعون حيث قال : { ألم نربك فينا وليدا } ولا في قصة إبراهيم ، لأن أباه في المخاطبين حيث يقول : { إذ قال لأبيه وقومه } وهو قد رباه فاستحيا موسى وإبراهيم أن يقولا : وما أسألكم عليه من أجر ، وإن كانا منزهين من طلب الأجر ، ثم إنه تعالى أعاد في هذه السورة قصص الأنبياء المشهورين مع أممهم اعتبارا لهذه الأمة ، وبدأ بقصة موسى لما فيها من غرائب الأحوال ، وعجائب الأمور ، والنداء المسموع عند الأشعري : هو الكلام القديم الذي لا يشبه الحروف والأصوات ، وعند المعتزلة –وإليه ميل أبي منصور الماتريدي- أنه من جنس الحروف والأصوات ، وأنه وقع على وجه علم به موسى أنه من قبل الله تعالى ، وقد عرفه أنه سيظهر عليه المعجزات إذا طولب بذلك . . أه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.