فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{مَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ} (207)

{ أفرأيت } أفعلمت فتخبر ؟ ! استفهام يراد به التقرير أو النفي كأنه : علمت فأخبر .

{ أفرأيت إن متعناهم سنين205 ثم جاءهم ما كانوا يوعدون206 ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون207 وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون208 ذكرى وما كنا ظالمين209 }

الخطاب للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، ثم هو لكل من هو أهل للخطاب ، أي قد علمت فأخبر حتى يعجب الناس ويتذكروا ويعتبروا أن المجرمين المكذبين مهما متعوا من سنين ، وطال تقلبهم في الشهوات ، والزخارف والزينات ، ثم حل بهم بأس القوي المتين ، وبطش الجبار القهار ، فلن يغني عنهم ما متعوا{[2796]} وأترفوا فيه ، وإنما تكون الحسرات ، ويود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه ، ولو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ، وتتزايل عنهم الغفلة ، ويشهد الواحد منهم على نفسه بالضلال والخبال ، وقلة نفع ما كان ممتعا فيه من سطوة ومال : ( ما أغنى عني ماليه . هلك عني سلطانيه ){[2797]} ، ويشهد الله الحق أن هلكة هذا الفاجر لن يردها عنه ما كان لديه من عرض : ( وما يغني عنه ماله إذا تردى ){[2798]} .


[2796]:عن الزهري: إن عمر بن عبد العزيز كان إذا أصبح أمسك بلحيته ثم قرأ{أفرأيت إن متعناهم سنين. ثم جاءهم ما كانوا يوعدون. ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون}، ثم يبكي ويقول: نهارك مغرور وسهو وغفلة *** وليلك نوم والردى لك لازم فلا أنت في الأيقاظ يقظان حازم *** ولا أنت في النوام ناج فسالم تسر بما يقنى وتفرح بالمنى *** كما سر باللذات في النوم حالم وتسعى إلى ما سوف تكره غبه *** كذلك في الدنيا تعيش البهائم
[2797]:سورة الحاقة. الآيتان 28، 29.
[2798]:سورة الليل. الآية11.