فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوۡمٖ لَّا تَسۡتَـٔۡخِرُونَ عَنۡهُ سَاعَةٗ وَلَا تَسۡتَقۡدِمُونَ} (30)

{ ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين 29 قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون 30 }

ويقول المنكرون للبعث- يستهزئون- في أي وقت يحين الجمع والفصل الذي أخبرتمونا عنه أيها المؤمنون إن كنتم حدثتمونا عنه صادقين في إخباركم ؟ وهكذا كانوا يستبعدون مجيء القيامة ، بل يتعنتون في طلب الدليل على صدق مجيئها حتى قالوا : )فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين( {[3761]} )لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين( {[3762]} )أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون . هيهات هيهات لما توعدون . إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين( {[3763]} ، فأعلم الله تعالى نبيه والمؤمنين وثبتهم بالقول الثابت ، وأمرهم أن يبطلوا إنكار الجاحدين ، واستهزاء الساخرين ، وأن يقولوا لهؤلاء الضالين : لكم ميعاد قضاه الله الحق ، وهو آت لا ريب فيه ، فإذا جاء أجل هذا اليوم فلن يتفلت منه أحد ، ولن يملك له أحد تأخيرا ، كما أن أحدا لا يأتيكم به قبل موعده ، [ سألوا عن وقت إرساء الساعة وأجيبوا عن أحوالهم فيها ، فكأنه قيل : دعوا السؤال عن وقت إرسالها فإن كينونته لابد منه ، بل سلوا عن أحوال أنفسكم حيث تكونون مبهوتين متحيرين فيها من هول ما تشاهدون ، فهذا أليق بحالكم . . ]{[3764]} .

ولا يغرنكم تأخيره ، فقد جاءكم نذيره : )وما نؤخره إلا لأجل معدود . يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد ){[3765]} .

{ وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه }

{ بالذي بين يديه } بما سبقه من كتاب أو رسول ، أو بما وعد بمجيئه بعد من الآخر .

عشرات الآيات المباركات في هذه السورة الكريمة تمت بها الحجة على الذين قالوا : لا تأتينا الساعة ، وعلى المرتابين في صدق البشير النذير صلى الله عليه وسلم ، فلما انقطعت حجتهم ، وغلبتهم شقوتهم ، أغلقوا قلوبهم وعقولهم وأسماعهم من دون هذا الكتاب العزيز ، بل وبما أرسل الله من قبل من رسول ، وما أنزل من كتاب ، كالذين قالوا حين سمعوا الحق المبين ، الموحى به إلى خاتم النبيين : ) . . لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون( {[3766]}وفي هذه الآية نفوا على التأبيد أن يصدقوا بهذا القرآن أو بما سبقه ، وهكذا كفروا بالله تعالى وبلقائه وبكتبه ورسله .


[3761]:سورة الدخان. الآية 36.
[3762]:سورة المؤمنون. الآية 83.
[3763]:سورة المؤمنون. الآيات: 35 –37.
[3764]:مما أورد الألوسي.
[3765]:سورة هود الآيتان: 104، 105.
[3766]:سورة القصص. من الآية 48.