فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ قُلِ ٱللَّهُۖ وَإِنَّآ أَوۡ إِيَّاكُمۡ لَعَلَىٰ هُدًى أَوۡ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (24)

{ وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين 24 }

ويقينا يحلف عليه إن فريقا من الفريقين نحن وأنتم متصف بأحد أمرين : إما الاستقرار على الهدى ، وإما التيه والدخول في الضلال الظاهر قبحه ، الموضح سفاهة من يخوض في ظلماته ولجته .

[ هذا من باب اللف والنشر أي واحد من الفريقين مبطل والآخر محق ، ولا سبيل إلى أن تكونوا أنتم ونحن على الهدى أو على الضلال ، بل واحد منا مصيب ، ونحن قد أقمنا البرهان على التوحيد فدل على بطلان ما أنتم عليه من الشرك بالله تعالى ]{[3748]} .

مما نقل الألوسي : وهذا من كلام المنصف الذي كل من سمعه من موال أو مناف قال لمن خوطب به : قد أنصفك صاحبك ، وفي درجه بعد تقدمة ما قدم من التقرير البليغ دلالة ظاهرة على من هو من الفريقين على هدى ومن هو في ضلال ، ولكن التعريض أبلغ من التصريح ، وأوصل إلى الغرض ، وأهجم به على الغلبة مع قلة شغب الخصم ، وفل شوكته بالهوينا ، ونحوه قول الرجل لصاحبه : قد علم الله تعالى الصادق مني ومنك ، وإن أحدنا لكاذب . اه

[ وفي تخالف حرف الجر في قوله{ لعلى هدى أو في ضلال } إشارة إلى أن أهل الحق راكبون مطية الهدى ، مستعلون على متنها ، وأن أهل الباطل منغمسون في ظلمة الضلال لا يدرون أين يتوجهون ، وإنما وصف الضلال ب{ المبين } وأطلق ال { هدى } لأن الحق كالخط المستقيم واحد ، والباطل كالخطوط المنحنية لا حصر لها فبعضها أدخل في الضلالة من بعض وأبين ]{[3749]} .


[3748]:مما أورد ابن كثير.
[3749]:مما أورد النيسابوري.