فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{لَقَدۡ كَانَ لِسَبَإٖ فِي مَسۡكَنِهِمۡ ءَايَةٞۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٖ وَشِمَالٖۖ كُلُواْ مِن رِّزۡقِ رَبِّكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥۚ بَلۡدَةٞ طَيِّبَةٞ وَرَبٌّ غَفُورٞ} (15)

{ لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور 15 }

لما بين القرآن في الآيات الأربع السابقة حال من شكر النعمة ومنهم داود وسليمان عليهما السلام بين في هذه الآية وما بعدها حال طائفة ممن كفر النعمة ، وسبأ قبيلة كانت تسكن اليمن في منطقة مأرب عاشوا فيما بين بعثة عيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهما وقد منحهم الله تعالى رزقا حسنا ، وزرعا وحدائق ذات بهجة ، يرى فيها المتدبر الشاكر آية من آيات اقتدار المولى ، وبرهانا على جلاله وواسع فضله ، قال ابن عباس : العرم : السد ، وكانوا قد أقاموا سدا بين جبلين ليحجز الماء فتروى الحدائق كلما احتاجت ، فجاء فيضان المطر فهدمه ، وقال عطاء : العرم اسم الوادي ، وقال الزجاج : العرم : اسم الجرذ – الفأر- الذي نقب السكر عليهم ، وقال الأعرابي : والعرم من أسماء الفأر ، فالجنات والبساتين تحف بها وبالسائر منها وإليها عن يمينه حدائق ، وعن شماله كذلك ، ومكنوا من ثمرها وخيرها ، فقيل لهم- أو كأنهم بتمكنهم قيل لهم- : كلوا مما رزقكم الله المنعم مولاكم ، واشكروا له أنعمه يزدكم فتحيون الحياة الكريمة ، ويغفر لكم في الآخرة ، أو : اسكنوا هذه البلدة الطيبة ، واعبدوا الله الغفور ، فهو سبحانه يتجاوز عن تقصير من قصر شكره ، لكنه لم يبطر ولا جحد .