{ والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ( 19 ) }
{ ءامنوا } صدقوا التصديق الكامل .
{ الصديقون } الدائمو التصديق ؛ لا يرتابون في شيء من وحي الله ، ويصدقون قولهم بالعمل .
والذين استيقنوا بالله تعالى وجلاله ، واطمأنت قلوبهم بتصديق المرسلين- صلوات الله عليهم أجمعين- وكمل لهم ذلك ، وصدقت أعمالهم أقوالهم ، فاطمأن بالحق والجنان –الفؤاد والقلب- وأقر بكلمة التوحيد اللسان ، واستقامت على الشريعة الأركان- الجوارح- فهؤلاء ارتفعت عند الله تعالى منازلهم .
مما نقل عن الزجاج : الإيمان : الإظهار الخضوع والقبول للشريعة ولما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم ، واعتقاده وتصديقه بالقلب ؛ فالمؤمن مبطن من التصديق مثل ما يظهر ؛ والأصل في الإيمان : الدخول في صدق الأمانة التي ائتمنه الله له عليها ، فإذا اعتقد التصديق بقلبه كما صدق بلسانه فقد أدى الأمانة وهو مؤمن . اه .
وكل من صدق بكل جوانب الإيمان لا يتخالجه في جانب منه شك فهو تصديق .
[ وينبغي أن يحمل { الذين ءامنوا } على من لهم كمال في ذلك يعتد به ، ولا يتحقق إلا بفعل طاعات يعتد بها ، وإلا فيبعد أن يكون المؤمن المنهمك في الشهوات ، الغافل عن الطاعات صديقا . . . ]{[6334]}
يقول أصحاب الأعاريب : قوله تعالى : { الذين } مبتدأ أول ، وقوله سبحانه : { أولئك } مبتدأ ثان ، وقوله تبارك اسم : { هم } مبتدأ ثالث ، أو ضمير فصل ، و{ الصديقون } خبر المبتدأ الأخير ، والجملة خبر ما قبله .
أورد أبو جعفر الطبري في تأويل القرآن الرباني الكريم : { والذين ءامنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون } يقول تعالى ذكره . والذين أقروا بوحدانية الله وإرساله رسله فصدقوا الرسل وآمنوا بما جاءوهم به من عند ربهم أولئك هم الصديقون ؛ ثم أورد أقوالا غير ذلك ، ثم قال : والذي هو أولى الأقوال عندي بالصواب قول من قال : الكلام والخبر عن الذين آمنوا متناه عند قوله : { أولئك هم الصديقون } . . . اه .
{ والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم } وبشرى لمن قضى نحبه وقدم حياته فداء لدينه ووفاء بعهد ربه أن له عند الله الولي الحميد منزلا كريما ، ومقاما عاليا ونعيما ، مصداقا لوعد الله الحق : { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون . فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون . يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين }{[6335]} .
و{ الشهداء } من قضوا نحبهم في سبيل مرضاة الله سبحانه ؛ يقال للواحد منهم [ شهيد ] ؛ نقل عن ابن الأنباري : سمى الشهيد شهيدا لأن الله وملائكته شهود له بالجنة ؛ ونقل عن الكسائي : الشهيد في الأصل من قتل مجاهدا في سبيل الله ، ثم اتسع فيه ، فأطلق على من سماه النبي صلى الله عليه وسلم {[6336]}- المبطون والغرق والحرق وصاحب الهدم وذات الجنب وغيرهم- أي من ماتوا بعلة في بطونهم أو غرقى أو محروقين أو انهدم عليهم حائط أو حاجز ، أو ماتوا بأمراض الأمعاء والكلي- .
{ والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم } وعيد ونذير للذين جحدوا ما أنزل الله ، ولم يصدقوا بكلماته ورسالاته ، ولم يعقلوا ما جاءهم من حججه وبرهانه ، هؤلاء هم المبعدون في العناد والضلال ، والغواية والعمى ، يصاحبون جهنم بسعيرها وخزيها ، فلا تفارقهم ولا يفارقونها .
يقول القرطبي : قوله تعالى : { والذين كفروا وكذبوا بآياتنا } أي بالرسل والمعجزات { أولئك أصحاب الجحيم } فلا أجر لهم ولا نور . اه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.