فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَوۡمَ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتُ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقۡتَبِسۡ مِن نُّورِكُمۡ قِيلَ ٱرۡجِعُواْ وَرَآءَكُمۡ فَٱلۡتَمِسُواْ نُورٗاۖ فَضُرِبَ بَيۡنَهُم بِسُورٖ لَّهُۥ بَابُۢ بَاطِنُهُۥ فِيهِ ٱلرَّحۡمَةُ وَظَٰهِرُهُۥ مِن قِبَلِهِ ٱلۡعَذَابُ} (13)

{ يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم } .

يومئذ يغشى الناس- رجال ونساء- سواد الظلمات فوق ما هم فيه من الفزع والكربات ، فينادي أهل النفاق أهل الإيمان قائلين : انتظرونا نلحق بكم لنأخذ ضوءا من نوركم ؛ أو أمهلونا وأخرونا فنكون من خلفكم .

[ والاقتباس ] : أخذ القبس ، أي الشعلة من النار .

{ قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ( 13 ) }

حينئذ يقول الله جل علاه للمنافقين : ارجعوا إلى حيث كنتم فاطلبوا لأنفسكم هناك نورا .

مما نقل عن مقاتل : هذا من الاستهزاء بهم . . وذلك قوله تعالى : { الله يستهزئ بهم . . }{[6317]} أي حين يقال لهم : { ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا . . } وقال أبو أمامة{[6318]} : يرجعون حين يقال لهم ذلك إلى المكان الذي قسم فيه النور فلا يجدون شيئا فينصرفون إليهم وقد ضرب بينهم بسور ، وهي خدعة الله التي خدع بها المنافقين حيث قال سبحانه : { يخادعون الله وهو خادعهم . . }{[6319]} .

أو هو من قول الملائكة لهم ، أو من قول المؤمنين استهزاء بهم .

فيقيم المولى- تبارك وتعالى- بين الفريقين حاجزا يدخل المؤمنون والمؤمنات من أبوابه ثم تغلق دون المنافقين والمنافقات ، وهذا الحجاب مما يلي المؤمنين فيه النعيم والتكريم- وهو حائط الجنة ، أو الأعراف- وما يلي المنافقين من جهته العذاب وحر النار .


[6317]:- سورة البقرة: من الآية 15.
[6318]:- نقله الألوسي في تفسيره جـ 27 ص 177
[6319]:- سورة النساء. من الآية 142.