قوله تعالى : " إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم " أي إن تستغيثوا بهم في النوائب لا يسمعوا دعاءكم ؛ لأنها جمادات لا تبصر ولا تسمع . " ولو سمعوا ما استجابوا لكم " إذ ليس كل سامع ناطقا . وقال قتادة : المعنى لو سمعوا لم ينفعوكم . وقيل : أي لو جعلنا لهم عقولا وحياة فسمعوا دعاءكم لكانوا أطوع لله منكم ، ولما استجابوا لكم على الكفر . " ويوم القيامة يكفرون بشرككم " أي يجحدون أنكم عبدتموهم ، ويتبرؤون منكم . ثم يجوز أن يرجع هذا إلى المعبودين مما يعقل ، كالملائكة والجن والأنبياء والشياطين أي يجحدون أن يكون ما فعلتموه حقا ، وأنهم أمروكم بعبادتهم ، كما أخبر عن عيسى بقوله : " ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق " {[13129]} [ المائدة : 116 ] ويجوز أن يندرج فيه الأصنام أيضا ، أي يحييها الله حتى تخبر أنها ليست أهلا للعبادة . " ولا ينبئك مثل خبير " هو الله جل وعز ؛ أي لا أحد يخبر بخلق الله من الله ، فلا ينبئك مثله في عمله{[13130]} .
ثم بين ذلك بقوله : { إن تدعوهم } أي المعبودات من دونه دعاء عبادة او استغاثة { لا يسمعوا } أي بحس السمع في وقت من الأوقات { دعاءكم } لأنهم جماد { ولو سمعوا } في المستقبل { ما استجابوا لكم } لأنهم إذ ذاك يعلمون أن إجابتكم لا ترضي الله ، وهم مما أبى أن يحمل الأمانة ويخون فيها بالعمل بغير ما يرضي الله سبحانه ، أو يكون المعنى : ولو فرض أنه يوجد لهم سمع ، أو ولو كانوا سامعين - ليدخل فيه من عبد من الأحياء - ما لزم من السماع إجابة ، لأنه لا ملازمة بين السمع والنطق ، ولا بين السمع والنطق مع القدرة على ما يراد من السامع ، فإن البهائم تسمع وتجيب ، والمجيبون غيره يجيبون ولا قدرة لهم على أكثر ما يطلب منهم .
ولما ذكر ما هو على سبيل الفرض ، ذكر ما يصير إليه بينهم وبينهم الأمر فقال : { ويوم القيامة } أي حين ينطقهم الله { يكفرون بشرككم } أي ينكرونه ويتبرؤون منه . ولما كان التقدير : قد أنبأكم بذلك الخبير ، وكانوا لا يقرون بذلك ولا يفهمونه حق فهمه ولا يعملون به ، صرف الخطاب عنهم إلى من له الفهم التام والطاعة الكاملة ، فقال عاطفاً على هذا الذي هدى إلى تقديره السياق : { ولا ينبئك } أي إنباء بليغاً عظيماً على هذا الوجه بشيء من الأشياء ، { مثل خبير * } أي بالغ الخبر ، فلا يمكن الطعن في شيء مما أخبر به ، وأما غيره فلا يخبر خبراً إلا يوجه إليه نقص .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.