الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِنۡ هِيَ إِلَّآ أَسۡمَآءٞ سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٍۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَمَا تَهۡوَى ٱلۡأَنفُسُۖ وَلَقَدۡ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلۡهُدَىٰٓ} (23)

{ إن هي } ما هذه الأوثان { إلا أسماء } لا حقيقة لها { سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها } بعبادتها { من سلطان } حجة وبرهان { إن يتبعون } ما يتبعون في عبادتها وأنها شفعاء لهم { إلا الظن وما تهوى الأنفس } يعني ان ذلك شيء ظنوه وأمر سولت لهم أنفسهم { ولقد جاءهم من ربهم الهدى } البيان على لسان محمد ص

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنۡ هِيَ إِلَّآ أَسۡمَآءٞ سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٍۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَمَا تَهۡوَى ٱلۡأَنفُسُۖ وَلَقَدۡ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلۡهُدَىٰٓ} (23)

قوله تعالى : " إن هي إلا أسماء سميتموها " أي ما هي يعني هذه الأوثان " إلا أسماء سميتموها " يعني نحتموها وسميتموها آلهة . " أنتم وآباؤكم " أي قلدتموهم في ذلك . " ما أنزل الله بها من سلطان " أي ما أنزل الله بها من حجة ولا برهان . " إن يتبعون إلا الظن " عاد من الخطاب إلى الخبر أي ما يتبع هؤلاء إلى الظن . " وما تهوى الأنفس " أي تميل إليه . وقراءة العامة " يتبعون " بالياء . وقرأ عيسى بن عمر وأيوب وابن السميقع " تتبعون " بالتاء على الخطاب . وهي قراءة ابن مسعود وابن عباس . " ولقد جاءهم من ربهم الهدى " أي البيان من جهة الرسول أنها ليست ، بآلهة .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنۡ هِيَ إِلَّآ أَسۡمَآءٞ سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٍۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَمَا تَهۡوَى ٱلۡأَنفُسُۖ وَلَقَدۡ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلۡهُدَىٰٓ} (23)

ولما أفهم هذا الإنكار بطلان قولهم هذا ، حصر القول الحق فيها فقال مستأنفاً : { إن } أي ما { هي } أي هذه الأصنام { إلا أسماء } أي لا حقائق لها ، فما ادعيتم لها من الإلهية ليس لها من ذلك إلا الأسماء ، وأكد ذلك بقوله مبيناً : { سميتموها } أي ابتدعتم تسميتها أنتم ، واجتث{[61722]} قولهم من أصله فقال : { أنتم وآباؤكم } أي لا غير بمجرد الهوى لم تروا منها آية ولا كلمتكم قط كلمة تعتدونها ، وعلى تقدير أن تتكلم الشياطين على ألسنتها فأي طريقة قويمة شرعت لكم وأي كلام مليح أو بليغ وصل إليكم وأي آية كبرى أرتكموها - انتهى .

ولما علم بهذا أن الله تعالى لم يأمرهم بشيء من ذلك ، صرح به نافياً أن يدل على ما وسموه به دليل فقال : { ما } ولما قدم في الأعراف ترك النافي للتدريج لما تقدم بما اقتضاه ، نفى هنا الإفعال النافي لأصل الفعل سواء كان بالتدريج أو غيره لأن المفصل لباب القرآن فهو للمقاصد ، وذلك كاف في ذم الهوى الذي هو مقصود السورة فقال : { أنزل الله } الذي له جميع صفات الكمال { بها } أي بالاستحقاق للأسماء ولا لما وسمتموها به من الإلهية ، وأعرق في النفي بقوله : { من سلطان } أي حجة تصلح مسلطاً على ما يدعي فيها .

ولما كان هذا النفي المستغرق موجباً للخصم إيساع الحيلة في ذكر دليل على أي وجه كان ، وكان هؤلاء قد أبلسوا عند سماع هذا الكلام ولم يجدوا ما يقولون ولا يجدوا ، فكان من حقهم أن يرجعوا فلم يرجعوا ، أعرض عنهم إيذاناً بشديد الغبن قائلاً : { إن } أي ما { يتبعون } أي في وقت من الأوقات في أمر هذه الأوثان بغاية جهدهم من أنها آلهة ، وأنها تشفع لهم أو تقربهم من الله { إلا الظن } أي غاية أمرهم لمن يحسن الظن بهم ، فالظن ترجيح أحد الجائزين على رغم الظان .

ولما كان الظن قد يكون موافقاً للحق مخالفاً للهوى قال : { وما تهوى الأنفس } أي تشتهي ، وهي - لما لها من النقص - لا تشتهي أبداً إلا بما يهوي بها عن غاية أوجها إلى أسفل حضيضها ، وأما المعالي وحسن العواقب فإنما تشوق إليها العقل ، قال القشيري : فالظن الجميل بالله فليس من هذا الباب ، والتباس عواقب الشخص عليه ليس من هذه الجملة بسبيل ، إنما الظن المعلول في الله وصفاته وأحكامه . { ولقد } أي العجب أنهم يفعلون ذلك والحال أنه قد { جاءهم من ربهم } أي المحسن إليهم { الهدى * } أي الكامل في بابه إلى الدين الحق الناطق بالكتاب الناطق بالصواب على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم ، والرأي يقتضي أن من رأى الهدى تبعه ولو أتاه به عدوه ، فكيف إذا أتاه به من هو أفضل منه من عند من إحسانه لم ينقطع عنه قط .


[61722]:- في الأصل: اخبث.