الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ ٱلرَّجِيمِ} (98)

لما ذكر العمل الصالح ووعد عليه ، وصل به قوله : { فَإِذَا قَرَأْتَ القرءان فاستعذ بالله } إيذاناً بأن الاستعاذة من جمله الأعمال الصالحة التي يجزل الله عليها الثواب . والمعنى : فإذا أردت قراءة القرآن فاستعذ كقوله : { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم } [ المائدة : 6 ] ، وكقولك : إذا أكلت فسمّ الله .

فإن قلت : لم عبر عن إرادة الفعل بلفظ الفعل ؟ قلت : لأن الفعل يوجد عند القصد ، والإرادة بغير فاصل وعلى حسبه ، فكان منه بسبب قويّ وملابسة ظاهرة . وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم ، فقال لي : « يا ابن أمّ عبد ، قل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، هكذا أقرأنيه جبريل عليه السلام عن القلم عن اللوح المحفوظ » .