الآية : 98 وقوله تعالى : { فإذا قرأت القرءان فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } ، كقوله {[10487]} في آية أخرى : { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله } ( الأعراف : 200 ) ، وكقوله {[10488]} في آية أخرى : { قل رب أعوذ بك من همزات الشيطان } ( المؤمنون : 97 ) ، فيجب أن يتعوذ من همزاته على ما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أو عند نزغ الشيطان على ما ذكر . لكنه إذا تعوذ من همزاته ونزعاته .
فإن قيل : كيف خص قراءة القرآن بالتعوذ ، من دون غيره من الأذكار والعبادات والأعمال الصالحة ؟ قيل : قد يتعوذ منه دون غيره أيضا في غيره من العبادات والأذكار بقولهم : { بسم الله الرحمن الرحيم } ، إذ لا يفتتح شيء إلا به . فذلك تعوذهم به ، لكن التعوذ في هذا تعوذ بالكناية {[10489]} ، والتعوذ في قراءة القرآن بالتصريح ، وذلك لأنه {[10490]} حجة وبرهان وطعن لأعداء في ما هو حجة في نفسه أكثر من الأفعال التي فعلوها .
ألا ترى ( أن الشيطان كان يُلَقِّن أوليائه ) {[10491]} أنه { سحر } ( المائدة : 110 و . . . . ) وأنه { أساطير الأولين } ( الأنعام : 25 و . . . . ) ، وأنه { إنما يعلمه بشر } ؟ ( النحل : 103 ) ونحوه ، وهو{[10492]} قوله : { إن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم } ( الأنعام : 121 ) ، كانوا يطلبون الطعن في القرآن ؛ لأنه حجة وبرهان ، ولم يشتغلوا في طعن فعل من الأفعال أو ذكر من الأذكار . فعلى ذلك يجوز أن يكون التعوذ منه في ما هو حجة بالتصريح ، وفي غيره بالكناية {[10493]} ، والله أعلم .
ثم في هذه الآية وفي غيرها من قوله : { إذ قمتم إلى الصلاة فاغتسلوا وجوهكم } ( المائدة : 6 ) ، وقوله : { فإذا قرأت القرآن فاستعيذ بالله من الشيطان الرجيم } ، لم يفهم أهلها منها ( التعوذ ) {[10494]} على ظاهر المُخْرَج ، ولكن فهموا على المُخْرَج الحكمة ؛ لأن ظاهر المخرج أن يفهم التعوذ بعد الفراغ {[10495]} من القراءة .
وكذلك يُفهَم من الأمر بالقيام إلى الصلاة الوضوء بعد القيام إليه . ثم ( لم ) {[10496]} يَفهموا في هذا ونحو هذا ، ولكن فهموا إذا أردت قراءة القرآن فاستعذ بالله . وكذلك فهموا من قوله : { إذا قمتم } ، أي : إذا أردتم القيام إلى الصلاة ، فاغتسلوا كذا لم يفهموا كل قيام ، إنما فهموا قياما دون قيام ، أي : إذا ( أردتم ){[10497]} القيام إلى الصلاة ، وأنتم محدثون ، وفَهِمُوا من قوله : { إذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض } ( الجمعة : 10 ) ، وفهموا من قوله : { إذا طعمتم فانتشروا } ( الأحزاب : 53 )
وكذلك فهو من قوله : { فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله } ( البقرة : 200 ) الفراغ منها . دَلَّ أن الخطاب لا يوجب المراد والفهم على ظاهر المخرج ، ولكن على مخرج الحكمة والمعنى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.