قوله عز وجل : { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } ، الخطاب فيه للنبي صلى الله عليه وسلم ويدخل فيه غيره من أمته ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان غير محتاج إلى الاستعاذة ، وقد أمر بها فغيره أولى بذلك ، ولما كان الشيطان ساعياً في إلقاء الوسوسة في قلوب بني آدم ، وكانت الاستعاذة بالله مانعة من ذلك ، فلهذا السبب أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالاستعاذة عند القراءة ، حتى تكون مصونة من وسواس الشيطان . عن جبير بن مطعم أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة ، قال عمر : ولا أدري أي صلاة هي . قال : الله أكبر كبيراً ثلاثاً ، والحمد لله كثيراً ثلاثاً ، وسبحان الله بكرة وأصيلاً ثلاثاً ، وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم من نفخته ونفثته وهمزته . قال : نفخته الكبر ، ونفثته السحر ، وهمزته المونة . أخرجه أبو داود . المونة : الجنون ، والفاء في قوله : فاستعذ بالله ، للتعقيب . فظاهر لفظ الآية يدل على أن الاستعاذة بعد القراءة ، وإليه ذهب جماعة من الصحابة والتابعين ، وهو قول أبي هريرة ، وإليه ذهب مالك وجماعة وداود الظاهري . قالوا : لأن قارئ القرآن يستحق ثواباً عظيماً ، وربما حصلت الوساوس في قلب القارئ هل حصل له ذلك الثواب أم لا ؟ فإذا استعاذ بعد القراءة اندفعت تلك الوساوس ، وبقي الثواب مخلصاً ، فأما مذهب الأكثرين من الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم من الأئمة وفقهاء الأمصار ، فقد اتفقوا على أن الاستعاذة مقدمة على القراءة ، قالوا : ومعنى الآية : إذا أردت أن تقرأ القرآن ، فاستعذ بالله ، ومثله قوله سبحانه وتعالى : { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم } الخ ، ومثله من الكلام إذا أردت أن تأكل فقل : بسم الله ، وإذا أردت أن تسافر فتأهب ، وأيضاً : فإن الوسوسة إنما تحصل في أثناء القراءة ، فتقديم الاستعاذة على القراءة ، لتذهب الوسوسة عنه أولى من تأخيرها عن وقت الحاجة إليها ، ومذهب عطاء أنه تجب الاستعاذة عند قراءة القرآن سواء كانت في الصلاة أو في غيرها ، واتفق سائر الفقهاء على أن الاستعاذة عند قراءة القرآن سواء كانت في الصلاة أو في غيرها ، واتفق سائر الفقهاء على أن الاستعاذة سنة في الصلاة وغيرها ، وقد تقدمت هذه المسألة والخلاف فيها في أول سورة الفاتحة ، والاستعاذة : الاعتصام بالله والالتجاء إليه من شر الشيطان ووسوسته . والمراد من الشيطان إبليس . وقيل : هو اسم جنس يطلق على المردة من الشياطين ؛ لأن لهم قدرة على إلقاء الوسوسة في قلوب بني آدم بإقدار الله إياهم على ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.