الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{مَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَنُحۡيِيَنَّهُۥ حَيَوٰةٗ طَيِّبَةٗۖ وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (97)

فإن قلت : { مِنْ } ، متناول في نفسه للذكر والأنثى ، فما معنى تبيينه بهما ؟ قلت : هو مبهم صالح على الإطلاق للنوعين ، إلا أنه إذا ذكر كان الظاهر تناوله للذكور ، فقيل : { مّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى } ، على التبيين ، ليعمّ الموعد النوعين جميعاً . { حياوة طَيِّبَةً } ، يعني : في الدنيا وهو الظاهر ، لقوله : { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ } ، وعده الله ثواب الدنيا والآخرة ، كقوله : { فأتاهم الله ثَوَابَ الدنيا وَحُسْنَ ثَوَابِ الأخرة } [ آل عمران : 148 ] ، وذلك أنّ المؤمن مع العمل الصالح موسراً كان أو معسراً ، يعيش عيشاً طيباً إن كان موسراً ، فلا مقال فيه . وإن كان معسراً ، فمعه ما يطيب عيشه ، وهو القناعة والرضا بقسمة الله . وأمّا الفاجر فأمره على العكس : إن كان معسراً فلا إشكال في أمره ، وإن كان موسراً فالحرص لا يدعه أن يتهنأ بعيشه . وعن ابن عباس رضي الله عنه : الحياة الطيبة : الرزق الحلال . وعن الحسن : القناعة . وعن قتادة : يعني في الجنة . وقيل : هي حلاوة الطاعة والتوفيق في قلبه .