الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِنَّ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱلۡفُلۡكِ ٱلَّتِي تَجۡرِي فِي ٱلۡبَحۡرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن مَّآءٖ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٖ وَتَصۡرِيفِ ٱلرِّيَٰحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلۡمُسَخَّرِ بَيۡنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (164)

{ إِنَّ فِي خَلْقِ السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار } واعتقابهما لأنّ كلّ واحد منهما يعقب الآخر ، كقوله : { جَعَلَ اليل والنهار خِلْفَةً } [ الفرقان : 62 ] { بِمَا يَنفَعُ الناس } بالذي ينفعهم مما يحمل فيها أو ينفع الناس .

فإن قلت : قوله : { وَبَثَّ فِيهَا } عطف على أنزل أم أحيا ؟ قلت : الظاهر أنه عطف على أنزل داخل تحت حكم الصلة ، لأنّ قوله : ( فأحيا به الأرض ) عطف على أنزل ، فاتصل به وصارا جميعاً كالشيء الواحد ، فكأنه قيل : وما أنزل في الأرض من ماء وبثّ فيها من كل دابة . ويجوز عطفه على أحيا على معنى فأحيا بالمطر الأرض وبثّ فيها من كل دابة ؛ لأنهم ينمون بالخصب ويعيشون بالحيا . { وَتَصْرِيفِ الرياح } في مهابها : قبولاً ، ودبوراً ، وجنوباً ، وشمالاً . وفي أحوالها : حارّة ، وباردة ، وعاصفة ، ولينة . وعقماً ، ولواقح . وقيل تارة بالرحمة ، وتارة بالعذاب { والسحاب المسخر } سخر للرياح تقلبه في الجو بمشيئة الله يمطر حيث شاء { لآيات لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } ينظرون بعيون عقولهم ويعتبرون ، لأنها دلائل على عظيم القدرة وباهر الحكمة . وعن النبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم :

" ويل لمن قرأ هذه الآية فمجّ بها " أي لم يتفكر فيها ولم يعتبر بها . وقرىء : «الفُلُك » بضمتين ، «وتصريف الريح » ، على الإفراد .