الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغۡلَبُونَ وَتُحۡشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ} (12)

{ قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } هم مشركو مكة { سَتُغْلَبُونَ } يعني يوم بدر . وقيل : هم اليهود . ولما غلب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر قالوا : هذا والله النبي الأميّ الذي بشرنا به موسى ، وهموا باتباعه . فقال بعضهم : لا تعجلوا حتى ننظر إلى وقعة أخرى ، فلما كان يوم أحد شَكُّوا . وقيل :

جمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وقعة بدر في سوق بني قينقاع ، فقال : " يا معشر اليهود احذروا مثل ما نزل بقريش وأسلموا قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم ، فقد عرفتم أني نبي مرسل " ، فقالوا لا يغرّنك أنك لقيت قوماً أغماراً لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة ، لئن قاتلتنا لعلمت أنا نحن الناس ، فنزلت . وقرىء : «سيغلبون ويحشرون » ، بالياء ، كقوله تعالى : { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُمْ } [ الأنفال : 38 ] على قل لهم قولي لك سيغلبون .

فإن قلت : أي فرق بين القراءتين من حيث المعنى ؟ قلت : معنى القراءة بالتاء الأمر بأن يخبرهم بما سيجري عليهم من الغلبة والحشر إلى جهنم . فهو إخبار بمعنى سيغلبون ويحشرون وهو الكائن من نفس المتوعد به والذي يدل عليه اللفظ ، ومعنى القراءة بالياء الأمر بأن يحكي لهم ما أخبره به من وعيدهم بلفظه . كأنه قال : أدّ إليهم هذا القول الذي هو قولي لك سيغلبون ويحشرون .