بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغۡلَبُونَ وَتُحۡشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ} (12)

قوله تعالى { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } قال الضحاك : يعني كفار مكة لما ظهروا يوم أحد ، فرحوا بذلك ، فنزل قوله تعالى : { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } من أهل مكة { سَتُغْلَبُونَ } بعد هذا { وَتُحْشَرُونَ إلى نَارُ جَهَنَّمَ } وقال الكلبي نزلت في شأن بني قريظة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هزم المشركين يوم بدر ، قالت اليهود هذا النبي الأمّي الذي بشرنا به موسى الذي نجده في التوراة ، فأرادوا تصديقه ثم قال بعضهم لبعض : لا تعجلوا حتى ننظر إلى وقعة أخرى له ، فلما كان يوم أحد ، ونكب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : والله ما هو إياه ، فقد تغيّرت صفته وحاله ، فشكوا فيه ولم يسلموا ، وقد كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى مدة ، فنقضوا ذلك العهد ، فأنزل الله تعالى : { قُلْ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ } وقال عكرمة عن عبد الله بن عباس أنه قال ، لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً يوم بدر ، وقَدِم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع ، فقال : « يا مَعْشَر اليَهُودِ ، أَسْلِمَوا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَكُمُ الله بِمِثْلِ مَا أَصَابَ قُرَيْشاً » قالوا : يا محمد لا تغرنك نفسك . إنك قتلت نفراً من قريش كانوا أَغماراً لا يعرفون القتال فإنك لو قاتلنا لعرفت أنّا نحن الناس وأنك لم تلق مثلنا فأنزل الله تعالى { قُلْ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ } يعني تُهْزمون وتُقْهَرون وتُحْشرون بعد القتل إلى جهنم { وَبِئْسَ المهاد } يعني لبئس موضع القرار جهنم . قرأ حمزة والكسائي { سَيُغْلبونَ وَيُحشرُون } بالياء على معنى الخبر والباقون بالتاء على معنى المخاطبة .