السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغۡلَبُونَ وَتُحۡشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ} (12)

{ قل } يا محمد { للذين كفروا ستغلبون } في الدنيا بالقتل والأسر وضرب الجزية ، وقد وقع ذلك بقتل قريظة وإجلاء النضير وفتح خيبر وضرب الجزية على من عداهم { وتحشرون } في الآخرة { إلى جهنم وبئس المهاد } أي : الفراش والمخصوص بالذم محذوف أي : بئس المهاد جهنم . وفي هذه الآية إخبار عن أمر يحصل في المستقبل وقد وقع خبره على موافقته فكان هذا إخباراً بالغيب فكان معجزة ولهذا لما نزلت هذه الآية قال لهم صلى الله عليه وسلم «إنّ الله غالبكم وحاشركم إلى جهنم » وقرأ حمزة والكسائي بالياء فيهما على الغيبة والباقون بالتاء على الخطاب .

فإن قيل : أي فرق بين القراءتين من جهة المعنى ؟ أجيب : بأنّ معنى قراءة التاء الأمر بأن يخبرهم بما سيجري عليهم من الغلبة والحشر إلى جهنم فهو إخبار بما سيغلبون ويحشرون وهو الكائن من نفس المتوعد به والذي يدل عليه اللفظ ومعنى القراءة بالياء الأمر بأن يحكى لهم ما أخبره به من وعيد بلفظه كأنه قال : أد إليهم هذا القول الذي هو قولي لك سيغلبون ويحشرون .