معاني القرآن للفراء - الفراء  
{قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغۡلَبُونَ وَتُحۡشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ} (12)

وقوله : { قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ . . . }

تقرأ بالتاء والياء . فمن جعلها بالياء فإنه ذهب إلى مخاطبة اليهود ، وإلى أن الغلبة على المشركين [ بعد ] يوم أُحُد . وذلك أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لما هزم المشركين يوم بدر وهم ثلاثمائة ونيّف والمشركون ألف إلا شيئا قالت اليهود : هذا الذي لا تردّ له راية ، فصدِّقوا . فقال بعضهم : لا تعجَلوا بتصديقه حتى تكون وقعةٌ أخرى . فلما نُكِب المسلمون يوم أُحُد كذَّبوا ورجعوا . فأنزل الله : قل لليهود سيُغلب المشركون ويحشرون إلى جهنم . فليس يجوز في هذا المعنى إلا الياء .

ومن قرأ بالتاء جعل اليهود والمشركين داخلين في الخطاب . فيجوز في هذا المعنى سيُغلَبون وستُغْلَبون ؛ كما تقول في الكلام : قل لعبد الله إنه قائم ، وإنك قائم . وفي حرف عبد الله { قل للذين كفروا إن تنتهوا يغفر لكم ما قد سلف } وفي قراءتنا " [ إن ينتهوا ] يُغْفَر لهم ما قد سلف " وفي الأنعام { هذا لِلَّه بِزَعْمِهمْ وهَذَا لِشُركَائهم } وفي قراءتنا " لشركائنا " .