الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَهُمۡ فِي رَوۡضَةٖ يُحۡبَرُونَ} (15)

{ فِى رَوْضَةٍ } في بستان ، وهي الجنة . والتنكير لإبهام أمرها وتفخيمه . والروضة عند العرب : كل أرض ذات نبات وماء . وفي أمثالهم : أحسن من بيضة في روضة ، يريدون : بيضة النعامة { يُحْبَرُونَ } يسرون . يقال : حبره إذا سرّه سروراً تهلل له وجهه وظهر فيه أثره ، ثم اختلفت فيه الأقاويل لاحتماله وجوه جميع المسارّ ؛ فعن مجاهد رضي الله عنه : يكرمون ، وعن قتادة : ينعمون . وعن ابن كيسان : يحلون . وعن أبي بكر بن عياش : التيجان على رؤوسهم . وعن وكيع : السماع في الجنة . وعن النبيّ صلى الله عليه وسلم :

أنَّه ذكرَ الجنةَ وما فيها منَ النعيم ، وفي آخرِ القوم أعرابيّ فقال : يا رسولَ اللَّهِ ، هل في الجنةِ من سماع ؟ قالَ : " نعم يا أَعرابي ، إنّ في الجنة لنهراً حافتاه الأبكار من كلِّ بيضاء خوصانية ، يتغنين بأصواتٍ لم تسمعّ الخلائق بمثلها قط ، فذلكَ أفضلَ نعم الجنة " قال الراوي : فسألت أبا الدرداء : بم يتغنين ؟ قال : بالتسبيح . وروي : «إنّ في الجنة لأشجاراً عليها أجراس من فضة ، فإذا أراد أهل الجنة السماع بعث الله ريحاً من تحت العرش فتقع في تلك الأشجار ، فتحرك تلك الأجراس بأصوات لو سمعها أهل الدنيا لماتوا طرباً » .