الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَمَا هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا لَهۡوٞ وَلَعِبٞۚ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَ لَهِيَ ٱلۡحَيَوَانُۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (64)

{ هذه } فيها ازدراء للدنيا وتصغير لأمرها ، وكيف لا يصغرها وهي لا تزن عنده جناح بعوضة . يريد : ما هي لسرعة زوالها عن أهلها وموتهم عنها إلا كما يلعب الصبيان ساعة ثم يتفرقون { وَإِنَّ الدار الاخرة لَهِىَ الحيوان } أي ليس فيها إلا حياة مستمرة دائمة خالدة لا موت فيها ، فكأنها في ذاتها حياة . والحيوان : مصدر حي ، وقياسه حييان ، فقلبت الياء الثانية واواً ، كما قالوا : حيوة ، في اسم رجل ، وبه سمى ما فيه حياة : حيوانا [ كما ] قالوا : اشتر من الموتان ولا تشتر من الحيوان . وفي بناء الحيوان زيادة معنى ليس في بناء الحياة ، وهي ما في بناء فعلان من معنى الحركة والاضطراب ، كالنزوان والنغصان واللهبان ، وما أشبه ذلك . والحياة : حركة ، كما أن الموت سكون ، فمجيئه على بناء دال على معنى الحركة ، مبالغة في معنى الحياة ، ولذلك اختيرت على الحياة في هذا الموضع المقتضى للمبالغة { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } فلم يؤثروا الحياة الدنيا عليها .