{ ياأيهالذين ءَامَنُواْ } خطاب للمسلمين . ومعنى { ءامَنُواْ } اثبتوا على الإيمان وداوموا عليه وازدادوه { والكتاب الذى أَنَزلَ مِن قَبْلُ } المراد به جنس ما أنزل على الأنبياء قبله من الكتب ، والدليل عليه قوله : { وَكُتُبِهِ } [ و ] قرىء : «وكتابه » على إرادة الجنس . وقرىء : «نزل » . «وأنزل » ، على البناء للفاعل . وقيل : الخطاب لأهل الكتاب ، لأنهم آمنوا ببعض الكتب والرسل وكفروا ببعض . وروي : أنه لعبد الله بن سلام ، وأسد وأسيد ابني كعب ، وثعلبة بن قيس ، وسلام بن أخت عبد الله بن سلام ، وسلمة ابن أخيه ، ويامين بن يامين ، أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : يا رسول الله ، إنا نؤمن بك وبكتابك وموسى والتوراة وعزيز ونكفر بما سواه من الكتب والرسل ، فقال عليه السلام : «بل آمنوا بالله ورسوله محمد وكتابه القرآن وبكل كتاب كان قبله ، فقالوا : لا نفعل ، فنزلت ، فآمنوا كلهم . وقيل : هو للمنافقين ، كأنه قيل : يا أيها الذين آمنوا نفاقاً آمنوا إخلاصاً .
فإن قلت : كيف قيل لأهل الكتاب { والكتاب الذى أَنَزلَ مِن قَبْلُ } وكانوا مؤمنين بالتوراة والإنجيل ؟ قلت : كانوا مؤمنين بهما فحسب ، وما كانوا مؤمنين بكل ما أنزل من الكتب ، فأمروا أن يؤمنوا بالجنس كله ، ولأن إيمانهم ببعض الكتب لا يصح إيماناً به ، لأن طريق الإيمان به هو المعجزة ، ولا اختصاص لها ببعض الكتب دون بعض ، فلو كان إيمانهم بما آمنوا به لأجل المعجزة لآمنوا به كله ، فحين آمنوا ببعضه علم أنهم لم يعتبروا المعجزة ، فلم يكن إيمانهم إيماناً . وهذا الذي أراد عز وجلّ في قوله : { وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذلك سَبِيلاً أُوْلَئِكَ هُمُ الكافرون حَقّاً } [ النساء : 150 ] .
فإن قلت : لم قيل ( نَزَّل على رسوله ) و ( أنزل من قبل ) ؟ قلت : لأن القرآن نزل مفرّقاً منجماً في عشرين سنة ، بخلاف الكتب قبله ، ومعنى قوله : { وَمَن يَكْفُرْ بالله } الآية ، ومن يكفر بشيء من ذلك { فَقَدْ ضَلَّ } لأن الكفر ببعضه كفر بكله . ألا ترى كيف قدم الأمر بالإيمان به جميعاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.