بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ مِن قَبۡلُۚ وَمَن يَكۡفُرۡ بِٱللَّهِ وَمَلَـٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا} (136)

قوله تعالى { خَبِيراً يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ آمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ } قال الضحاك : يعني أخبار أهل الكتابين الذين آمنوا بموسى وعيسى ، آمنوا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم . وقال في رواية الكلبي : نزلت في عبد الله بن سلام وأسيد وأسد ابني كعب ، وثعلبة بن قيس وغيرهم ، قالوا : يا رسول الله نؤمن بك وبكتابك وبموسى والتوراة وبعزير ، ونكفر بما سواه من الكتب والرسل . فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : « بَلْ آمِنُوا بِالله وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَكِتَابِهِ القُرْآنِ ، وَبِكُلِّ كِتَابٍ كَانَ مِنْ قَبْلُ » فنزلت هذه الآية { خَبِيراً يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ آمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ والكتاب الذي نَزَّلَ على رَسُولِهِ والكتاب الذي أَنَزلَ مِن قَبْلُ } ويقال : { يا أيها الذين آمنوا } خاطب به جميع المؤمنين ، { آمنوا بالله } يعني اثبتوا على الإيمان .

وقال : { يا أيها الذين آمنوا } يعني يوم الميثاق { آمنوا بالله وَرَسُولِهِ ثُمَّ } ويقال : نزلت في شأن أهل الكتاب لأنه علم أن فيهم من يؤمن ، فلقربهم من الإيمان سماهم مؤمنين كما قال : { واترك البحر رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ } [ الدخان : 24 ] وكانوا لم يغرقوا بعد . ويقال : إنهم كانوا يقولون نحن مؤمنون فقال لهم : { يا أيها الذين آمنوا } أي بزعمهم كما قال { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم } [ الدخان : 49 ] أي بزعمه . قرأ نافع وعاصم عن حمزة والكسائي { والكتاب الذي نَزَّلَ } بنصب النون والزاي { والكتاب الذي نَزَّلَ } بنصب الألف . وقرأ الباقون ( نزل ) بضم النون وكسر الزاي ، ونزل وأنزل بضم الألف على معنى فعل ما لم يسم فاعله .

ثم قال : { وَمَن يَكْفُرْ بالله وملائكته وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ واليوم الآخر } أي من يجحد بوحدانية الله تعالى وملائكته أنهم عبيده ، وبرسله أنهم أنبياؤه وعبيده ، وبالبعث بعد الموت { فَقَدْ ضَلَّ } عن الهدى { ضلالا بَعِيداً } عن الحق .