فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ مِن قَبۡلُۚ وَمَن يَكۡفُرۡ بِٱللَّهِ وَمَلَـٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا} (136)

{ يأيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل }

يأمر تعالى عباده المؤمنين بالدخول في جميع شرائع الإيمان وشعبه وأركانه ودعائمه ، وليس هذا من باب تحصيل الحاصل ، بل من باب تكميل الكامل وتقريره وتثبيته والاستمرار عليه ، كما يقول المؤمن في كل صلاة : ( اهدنا الصراط المستقيم ( {[1565]} ) أي بصرنا وزدنا هدى ، وثبتنا عليه ، فأمرهم بالإيمان به وبرسوله ، كما قال تعالى : ( يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله . . ) ( {[1566]} ) ، وقوله : { والكتاب الذي نزل على رسوله } يعني القرآن { والكتاب الذي أنزل من قبل } وهذا جنس يشمل جميع الكتب المتقدمة ، وقال في القرآن : { نزل } لأنه نزل مفرقا منجما على الوقائع بحسب ما يحتاج إليه العباد في معاشهم ومعادهم ، وأما الكتب المتقدمة فكانت تنزل جملة واحدة ، ولهذا قال تعالى : { والكتاب الذي أنزل من قبل } ( {[1567]} ) ؛ { ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا } ؛ وكل من لم يستيقن ويصدق تصديقا جازما بالله تعالى ، وبالملائكة الكرام ، وبالكتب السماوية ، وبالرسل عليهم الصلاة والسلام ، وباليوم الآخر والبعث والحشر والحساب ، والوزن والثواب والعقاب فقد ذهب عن قصد السبيل وجار عن محجة الطريق إلى المهالك ذهابا وجورا بعيدا ، لأن من كفر بذلك خرج عن دين الله الذي ارتضاه ، ولم يرتض سواه .


[1565]:سورة الفاتحة. الآية 6.
[1566]:سورة الحديد. من الآية 28.
[1567]:من تفسير القرآن الكريم.