واعلم أن الإنسان لا يكون قائماً بالقسط إلاّ إذا كان راسخ القدم في الإيمان فلهذا أردف ما ذكر بقوله : { يا أيها الذين آمنوا آمنوا } وظاهر مشعر بالأمر بتحصيل الحاصل . فالمفسرون ذكروا فيه وجوهاً الأول : { يا أيها الذين آمنوا } في الماضي والحاضر { آمنوا } في المستقبل أي دوموا على الإيمان واثبتوا . الثاني : { يا أيها الذين آمنوا } تقليداً { آمنوا } استدلالاً . الثالث : { يا أيها الذين آمنوا } استدلالاً إجمالياً { آمنوا } استدلالاً تفصيلياً . الرابع : { يا أيها الذين آمنوا } بالله وملائكته وكتبه ورسله { آمنوا } بأن كنه الله تعالى وعظمته وكذلك أحوال الملائكة وأسرار الكتب وصفات الرسل لا ينتهي إليها عقولكم . الخامس قال الكلبي : إن عبد الله بن سلام وأسداً وأسيداً ابني كعب وثعلبة بن قيس وجماعة من مؤمني أهل الكتاب قالوا : يا رسول الله ، إنا نؤمن بك وبكتابك وبموسى والتوراة وعزير ، ونكفر بما سواه من الكتب والرسل فأنزل الله هذه الآية فآمنوا بكل ذلك . وقيل : إن المخاطبين ليسوا هم المسلمين والتقدير : { يا أيها الذين آمنوا } بموسى والتوراة وبعيسى والإنجيل { آمنوا } بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن وبجميع الكتب المنزلة من قبل لا ببعضها فقط ، لأن طريق العلم بصدق النبي هو المعجز وأنه حاصل في الكل ، فالخطاب لليهود والنصارى .
أو { يا أيها الذين آمنوا } باللسان { آمنوا } بالقلب فهم المنافقون ، أو { يا أيها الذين آمنوا } باللات والعزى { آمنوا } بالله فهم المشركون ، والمراد بالكتاب الذي أنزل من قبل جنسه . فإن قيل : لم ذكر في مراتب الإيمان أموراً ثلاثة : الإيمان بالله وبالرسل وبالكتب . وذكر في مراتب الكفر أموراً خمسة ؟ أجيب بأن الإيمان بالثلاثة يلزم منه الإيمان بالملائكة وباليوم الآخر ، لكنه ربما ادّعى الإنسان أنه يؤمن بالثلاثة ثم إنه ينكر الملائكة واليوم الآخر لتأويلات فاسدة ، فلما كان هذا الاحتمال قائماً نص على أن منكر الملائكة والقيامة كافر بالله . فإن قيل : لم قدم في مراتب الإيمان ذكر الرسول على ذكر الكتاب في مراتب الكفر عكس الأمر ؟ فالجواب أن الكتاب مقدم على الرسول في مرتبة النزول من الخالق إلى الخلق ، وأما في العروج فالرسول مقدم على الكتاب . وبوجه آخر الرسول الأول هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والرسل عام له ولغيره ، فلما خص ذكره أولاً للتشريف جعل ذكره تالياً لذكر الله لمزيد التشريف ولبيان أفضليته صلى الله عليه وسلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.