الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَآ أَبَدٗا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَٱذۡهَبۡ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَٰتِلَآ إِنَّا هَٰهُنَا قَٰعِدُونَ} (24)

والباب : باب قريتهم { لَنْ نَّدْخُلَهَا } نفي لدخولهم في المستقبل على وجه التأكيد المؤيس . و { أَبَدًا } تعليق للنفي المؤكد بالدهر المتطاول . و { مَّا دَامُواْ فِيهَا } بيان للأبد { فاذهب أَنتَ وَرَبُّكَ } يحتمل أن لا يقصدوا حقيقة الذهاب ، ولكن كما تقول : كلمته فدهب يجيبني ، تريد معنى الإرادة والقصد للجواب ، كأنهم قالوا : أريد قتالهم . والظاهر أنهم قالوا ذلك استهانة بالله ورسوله وقلة مبالاة بهما واستهزاء ، وقصدوا ذهابهما حقيقة بجهلهم وجفاهم وقسوة قلوبهم التي عبدوا بها العجل وسألوا بها رؤية الله عزّ وجلّ جهرة . والدليل عليه مقابلة ذهابهما بقعودهم ويحكى أنّ موسى وهارون عليهما السلام خرَّا لوجوههما قدَّامهم لشدة ما ورد عليهما ، فهموا برجمهما . ولأمر مّا قرن الله اليهود بالمشركين وقدمهم عليهم في قوله تعالى : { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ الناس عَدَاوَةً لّلَّذِينَ ءامَنُواْ اليهود والذين أَشْرَكُواْ } [ المائدة : 82 ] .