الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ} (1)

مقدمة السورة:

مكية وتسمى سورة النبأ وهي أربعون أو إحدى وأربعون آية

{ عَمَّ } أصله عما ، على أنه حرف جر دخل على ما الاستفهامية وهو في قراءة عكرمة وعيسى بن عمر . قال حسان رضي الله عنه :

عَلَى مَا قَامَ يَشْتُمُنِى لَئِيمٌ *** كَخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ فِي رَمَادِ

والاستعمال الكثير على الحذف ، والأصل : قليل ومعنى هذا الاستفهام : تفخيم الشأن ، كأنه قال عن أي شأن يتساءلون ونحوه ما في قولك : زيد ما زيد ؟ جعلته لانقطاع قرينه وعدم نظيره كأنه شيء خفي عليك جنسه فأنت تسأل عن جنسه وتفحص عن جوهره ، كما تقول : ما الغول وما العنقاء ؟ تريد : أي شيء هو من الأشياء هذا أصله ؛ ثم جرد العبارة عن التفخيم ، حتى وقع في كلام من لا تخفى عليه خافية { يَتَسَآءَلُونَ } يسأل بعضهم بعضاً . أو يتساءلون غيرهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين نحو : يتداعونهم ويتراءونهم . والضمير لأهل مكة : كانوا يتساءلون فيما بينهم عن البعث ، ويتساءلون غيرهم عنه على طريق الاستهزاء .