قوله : " الآن " منصوبٌ بمحذوفٍ أي : آمَنْتَ الآن ، أو اتُؤمن الآن .
وقوله : " وقَدْ عَصَيْتَ " جملةٌ حالية ، تقدَّم نظيرها .
واختلفوا في قائل هذا الكلام ، فقيل : هو جبريلُ ، وإنَّما قال : { وَكُنتَ مِنَ المفسدين } في مقابلة قوله { وَأَنَاْ مِنَ المسلمين } . وقيل : القائلُ هو الله تعالى ؛ لأنَّه قال بعدهُ : { فاليوم نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ } إلى أن قال : { وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ الناس عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ } ، وهذا ليس إلاَّ كلام الله تعالى .
فإن قيل : ظاهرُ اللفظ يدلُّ على أنَّه إنَّما لم تقبل التوبة للمعصية المتقدمة ، والفساد السَّابق ، وهذا التعليلُ لا يمنعُ من قبول التوبةِ .
الأول : أنَّ قبول التَّوبةِ غير واجب عقلاً ، ويدُلُّ عليه هذه الآيةُ .
الثاني : أنَّ التعليل ما وقع لمجرَّد المعصية السَّابقة ، بل بتلك مع كونه من المفسدين .
روي أن جبريل - عليه السلام - أخذ يملأ فمه بالطِّين لئلاَّ يتوب غضباً عليه والأقربُ أنَّ هذا لا يصحُّ ؛ لأنَّه في تلك الحالِ إمَّا أن يقال التكليف كان ثابتاً ، أو ما كان ثابتاً ، فإن كان ثابتاً لم يجز لجبريل أن يمنعه من التوبة ، بل يجبُ عليه أن يعينه على التوبةِ ، وعلى كُلِّ الطَّاعات ، لقوله تعالى : { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى البر والتقوى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإثم والعدوان } [ المائدة : 2 ] وأيضاً ، فلو منعه بما ذكر لكانت التَّوبة ممكنةً ؛ لأنَّ الأخرس قد يتوبُ بأن يندمَ بقلبه ويعزم على ترك معاودة القبيح ، فلا يبقى لما فعله جبريل فائدة ، وأيضاً لو منعه من التوبة لكان قد رضي ببقائه على الكفر ، والرِّضا بالكفر كفر وأيضاً كيف يليق بالله تعالى أن يقول لموسى وهارون - عليهما الصلاة والسلام - { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى } [ طه : 44 ] ثُمَّ يأمُرُ جبريل أن يمنعهُ من الإيمان .
فإن قيل : إنَّ جبريل إنَّما فعل ذلك من قبل نفسه لا بأمر الله ، فهذا يبطله قول جبريل : { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ } [ مريم : 64 ] وقوله تعالى في صفة الملائكة : { لاَ يَسْبِقُونَهُ بالقول وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } [ الأنبياء : 27 ] .
وإن قيل إنَّ التكليف كان زائلاً عن فرعون في ذلك الوقت ، فلا يبقى للفعل المنسوب لجبريل فائدة أصلاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.