اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّـٰهٞ مُّنِيبٞ} (75)

ثم قال تعالى : { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ } .

والحليم : الذي لا يتعجَّلُ بمكافأة من يؤذيه ، ومن كان كذلك فإنَّه يتأوَّهُ إذا شاهد وصول الشَّدائد إلى الغير فلمَّا رأي مجيء الملائكة لإهلاك قوم لُوط عظم حزنهُ ، وأخذ يتأوَّهُ فوصفه ، الله - تعالى - بأنَّهُ مُنِيبٌ ؛ لأنَّ من ظهرت منه هذه الشفقة العظيمةُ على الخلق فإنَّهُ يتُوبُ ويرجع إلى الله - تعالى عزَّ وجلَّ - في إزالة ذلك العذابِ ، أو يقال : من كان لا يَرْضَى بوقوع غيره في الشَّدائد ، فبأن لا يرضى بوقوع نفسه فيها أولى ، ولا طريق لتخليصِ النَّفْسِ من عذاب الله والوقوع فيه إلا بالتوبةِ والإنابةِ .