قوله تعالى : { وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً } قال ابنُ عبَّاسٍ - رضي الله عنهما - : انطلقُوا من عند إبراهيم إلى " لُوطٍ " [ و ] بين القريتين أربعة فراسخَ ، ودخلوا عليه على صورة غلمان مرد حسان الوجوه{[18903]} .
قوله : { سياء بِهِمْ } فعلٌ مبنيٌّ للمفعول ، والقائمُ مقامَ الفاعل ضمير " لُوطٍ " من قولك : " سَاءَنِي كَذا " أي : حصل لي سُوءٌ ، و " بِهِمْ " متعلقٌ به ، أي : بسببهم ، يقال : سؤته فسيء كما يقال : سَرَرْتُه فَسُرَّ ، ومعناهُ : سَاءَهُ مَجِيئُهم وسَاءَ يَسُوءُ فعل لازم .
قال الزجاجُ : " أصله " سُوىءَ بِهِمْ " إلاَّ أنَّ الواو أسكنت ونقلت كسرتها إلى السين " .
و " ذَرْعاً " نصبٌ على التَّمييز ، وهو في الأصل مصدر ذرع البعير يذرع بيديه في سيره إذا سار على قدر خطوه ، اشتقاقاً من الذِّراع ، تُوسِّع فيه فوضع موضع الطَّاقة والجهد . فقيل : ضاقَ ذَرْعُه ، أي طاقته ؛ قال : [ البسيط ]
. . . *** فاقْدِرْ بِذرْعِكَ وانْظُرْ أيْنَ تَنْسَلِكُ{[18904]}
وقد يقعُ الذِّراعُ موقعهُ ؛ قال : [ الوافر ]
إذَا التَّيَّازُ ذُو العضلاتِ قُلْنَا *** إلَيْكَ إلَيْكَ ضَاقَ بِهَا ذِرَاعا{[18905]}
قيل : هو كنايةٌ عن ضيق الصَّدْرِ .
وقوله : " عَصِيبٌ " العَصِبُ والعَصبْصَبُ والعَصُوب : اليومُ الشَّديدُ الكثيرُ الشَّرَّ ، الملتفُّ بعضه ببعض قال : [ الوافر ]
وكُنْتَ لِزازَ خَصْمِكَ لَمْ أعَرِّدْ *** وَقَدْ سَلكُوكَ في يومٍ عَصِيبِ{[18906]}
وعن أبي عبيدة : " سُمِّي عصيباً ؛ لأنَّه يعصبُ النَّاسَ بالشَّرِّ " . كأنَّه عصب به الشَّر والبلاء أي : حشدوا والعِصَابةُ : الجماعةُ من النَّاس سُمُّوا بذلك لإحاطتهم إحاطة العصابة .
والمعنى : أنَّ لوطاً لمَّا نظر إلى حسن وجوههم ، وطيب روائحهم ، أشفق عليهم من قومه أن يقصدوهم بالفاحشةِ ، وعلم أنَّه سيحتاجُ إلى المدافعة عنهم ، فلذلك ضاق بهم ذَرْعاً أي : قَلْباً .
يقال : ضَاقَ ذَرْعُ فلان بكذا ، إذا وقع في مكروهٍ ، ولا يطيقُ الخُروج منه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.