قوله : { أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ على بَيِّنَةً } تقدَّم نظيره [ يونس : 50 ] ، والمفعول الثَّاني هنا محذوف تقديره : أأعْصيه ويدل عليه " إنْ عَصَيْتُه " . وقال ابنُ عطيَّة : هي مِنْ رؤيةِ القَلْبِ ، والشَّرطُ الذي بعده وجوابه يَسُدُّ مسدَّ مفعولين ل " أرَأيْتُم " .
قال أبُو حيَّان{[18852]} : " والذي تقرَّر أنَّ " أرَأيْتَ " ضُمِّن معنى " أخْبِرْنِي " ، وعلى تقدير أن لا يُضَمَّن ، فجملةُ الشَّرط والجواب لا تسدُّ مسدَّ مفعولي " عَلِمْتُ " وأخواتها " .
قوله : { إِن كُنتُ على بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي } ورد بحرف الشَّك ، وكان على يقين تام في أمره إلاَّ أنَّ خطاب المخالف على هذا الوجه أقرب إلى القبُولِ ؛ فكأنه قال : قدِّرُوا أنِّي على بيِّنةٍ من ربِّي وأنِّي نبيٌّ على الحقيقةِ ، وانظُرُوا إن تابعتكم ، وعصيتُ أمر ربِّي ، فمن يمنعني من عذابِ الله فما تزيدُونَنِي على هذا التقدير غير تَخْسِير .
قوله : " غَيْرَ تَخْسِير " الظاهرُ أنَّ " غَيْرَ " مفعولٌ ثانٍ ل " تَزِيدُونَنِي " .
قال أبُو البقاءِ{[18853]} : " الأقْوَى هنا أن تكُون " غير " استثناءً في المعنى ، وهو مفعولٌ ثانٍ ل " تَزِيدُونَنِي " ، أي : فمَا تَزِيدُونَنِي إلاَّ تَخْسِيراً .
ويجوز أن تكون " غير " صفةً لمفعولٍ محذوفٍ ، أي شيئاً غير تخسير ، وهو جيد في المعنى .
ومعنى التَّفْعِيل هنا النسبةُ ، والمعنى : غير أن أخسركُم ، أي : أنسبكم إلى التَّخْسير ، قال الزمخشريُّ .
قال الحسنُ بن الفضلِ : لم يكنْ صالح في خسارةٍ حتى قال : { فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ } وإنَّما المعنى : فما تَزِيدُونَنِي بما تقُولُون إلا نسبتي إيَّاكم إلى الخسارةِ{[18854]} .
والتفسيقُ والتَّفْجِيرُ في اللغة : النسبة إلى الفِسْقِ والفُجُور ، فكذلك التَّخْسيرُ هو النسبة إلى الخُسرانِ .
وقيل : هو على حذف مضافٍ ، أي : غير بضارِّه تخسيركم ، قالهُ ابن عبَّاسٍ{[18855]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.