قوله : { فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الروع } ، أي : الفزعُ ؛ قال الشَّاعرُ : [ الطويل ]
إِذَا أخَذَتْهَا هِزَّةُ الرَّوْعِ أمْسَكَتْ *** بِمَنْكِبِ مِقدامٍ على الهَوْلِ أرْوَعَا{[18900]}
يقال : رَاعَهُ يَرُوعُه ، أي : أفزعهُ ؛ قال عنترةُ : [ الكامل ]
ما رَاعَنِي إِلاَّ حَمُولةُ أهْلِهَا *** وسْطَ الدِّيارِ تَسَفُّ حبَّ الخِمْخِمِ{[18901]}
وارتاع : افتعل منه ؛ قال النابغة : [ البسيط ]
فارْتَاعَ مِنْ صَوْتِ كلاَّبٍ فَبَاتَ لَهُ *** طَوْعَ الشَّوامِتِ مِنْ خَوْفٍ ومِنْ صَرَدِ{[18902]}
وأمَّا الرُّوعُ - بالضمِّ - فهي النَّفْسُ لأنَّها محلُّ الرَّوْعِ . ففرَّقُوا بين الحالِّ والمَحَلِّ ؛ وفي الحديث : " إِنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعي " .
قوله : { وَجَآءَتْهُ البشرى } عطف على " ذَهَبَ " ، وجوابُ " لمَّا " على هذا محذوفٌ أي : فلمَّا كان كيت وكيت اجترأ على خطابهم ، أو فطن لمجادلتهم ، وقوله : " يَجَادِلُنَا " على هذا جملةٌ مستأنفةٌ ، وهي الدَّالَّةُ على ذلك الجواب المحذوف .
وقيل : تقديرُ الجواب : أقبل يُجَادلنا ، أو أخذ يُجَادلُنَا ، ف " يُجَادِلُنَا " على هذا حالٌ من فاعل " أقبل " .
وقيل : جوابها قوله : " يُجَادلُنَا " وأوقع المضارع موقع الماضي .
وقيل : الجوابُ قوله : { وَجَآءَتْهُ البشرى } والواوُ زائدةٌ . وقيل : " يُجَادِلُنَا " حال من " إبراهيم " ، وكذلك قوله : { وَجَآءَتْهُ البشرى } و " قَدْ " مقدرةٌ . ويجُوزُ أن يكون " يُجَادِلُنَا " حالاً من ضمير المفعول في " جَاءءَتْهُ " . و " فِي قَوْمِ لُوطٍ " أي : في شأنهم .
قوله : { فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الروع } .
هذا أوَّلُ قصة قوم لوط ، والمعنى : أنَّهُ لمَّا زال الخوف وحصل السُّرورُ بسبب مجيء البُشْرَى بحصول الولد ، أخذ يُجَادلنا أي : رسلنا ، بمعنى : يكلمنا ؛ لأنَّ إبراهيم - صلوات الله وسلامه عليه - لا يجادل ربه ، إنَّما يسأله ويطلب إليه بدليل مدحه عقيب الآية بقوله : { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ } ولو كان جدلاً مذموماً لما مدحه بهذا المَدْح العظيم ، وكانت مجادلته أن قال للملائكة : أرأيتم لو كان في مدائنِ لوطٍ خمسون رجلاً من المؤمنين أتهلكونها قالوا : لا .
قال : أو أربعون . قالوا : لا .
قال : أو ثلاثون . قالوا لا . حتَّى بلغ العشرة .
قالوا : لا . قال : أرأيتم لو كان فيها رجلٌ مسلم أتهلكونها ؟ قالوا : لا . فعند ذلك { قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امرأته } [ العنكبوت : 32 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.