اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱللَّهُ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ وَفَرِحُواْ بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا مَتَٰعٞ} (26)

قوله { الله يَبْسُطُ الرزق لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ } الآية لما حكى عن ناقضي العهد في التوحيد والنبوة بأنهم ملعونون ومعذبون في الآخرة فكأنه قيل : لو كان أعداء الله لما أنعم عليهم في الدنيا ؟ فأجاب الله تعالى عنه بهذه الآية وهو أنه تعالى يبسط الرزق على البعض ، وبسط الرزق لا تعلق له بالكفر والإيمان ، فقد يوجد الكافر موسعاً عليه دون المؤمن ، والدنيا دار امتحان .

قال الواجي : " ومعنى القدر في اللغة : قطع الشيء على مساوة غيره من غير زيادة ولا نقصان " .

وقال المفسرون في معنى " يَقْدرُ " ههنا : يضيق ، لقوله { وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ } [ الطلاق : 7 ] ومعناه : أنه يعطيه بقدر كفايته لا يفضل عنه شيء .

وقرأ زيد بن علي : " ويَقْدُر " بضم العين .

قوله : " وفَرِحُوا " هذا استئناف إخبار . وقيل : بل هو عطف على صلة " الذين " قبل .

وفيه نظر ؛ من حيث الفصل بين أبعاض الصلة بالخبر ، وأيضاً : فإن هذا ماض وما قبله مستقبل ولا يدعي التوافق في الزمان إلا أن يقال : المقصود استمرارهم بذلك أو أن الماضي متى وقع صلة صلح [ للماضي ] والاستقبال .

قوله " فِي الآخِرَةِ " ، أي في جنب الآخرة .

" إلاَّ مَتاعٌ " وهذا الجار في موضع الحال تقديره : وما الحياة القريبة الكائنة في جنب الآخرة إلا متاع ولا يجوز تعلقه بالحياة ولا بالدنيا لأنهما لا يقعان إلا في الآخرة .

ومعنى الآية : أن [ مشركي ] مكة أشروا وبطروا ، والفرح : لذة في القلب بنيل المشتهى وفيه دليل على أن الفرح بالدنيا حرام محال { وَمَا الحياة الدنيا فِي الآخرة إِلاَّ مَتَاعٌ } أي قليل ذاهب .