قوله تعالى : { يا أيها الناس إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ البعث } الآية . لما حكى عنهم الجدال بغير علم في إثبات الحشر والنشر ، وذمَّهم عليه ، ألزمهم الحجة ، وأورد الدلالة على صحة ذلك من وجهين :
أحدهما : الاستدلال بخلقة الحيوان أولاً ، ثم بخلقة النبات ثانياً ، وهذا موافق لما أجمله في قوله : { قُلْ يُحْيِيهَا الذي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ }{[30166]} [ يس : 79 ] . وقوله : { فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة }{[30167]} . فكأنه تعالى قال : { إن كنتم في ريب } أي شك من البعث ففكروا في خلقتكم الأولى لتعلموا أن القادر على خلقكم أولاً قادر على خلقكم ثانيا{[30168]} .
قوله : «مِنَ البَعْثِ » . يجوز أن يتعلق ب «رَيْبٍ » ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه صفة ل «ريب{[30169]} » . وقرأ الحسن «البَعَثِ » بفتح العين{[30170]} ، وهي لغة كالطَّرَدِ والحَلَبِ في الطَّرْد والحَلْب{[30171]} بالسكون . قال أبو حيان : والكوفيون إسكان العين عندهم تخفيف فيما وسطه حرف حلق كالنَّهْر والنَّهَر ، والشَّعْر والشَّعَر ، والبصريون لا يقيمونه ، وما ورد من ذلك هو عندهم مما جاء فيه لغتان{[30172]} {[30173]} . وهذا يوهم ظاهره أن الأصل : البعث - بالفتح - وإنما خفف ، وليس الأمر كذلك وإنما محل النزاع إذا سمع الحلقي مفتوح العين هل يجوز تسكينه أم لا ؟ لا أنه كلما جاء ساكن العين من ألحقها يدعي أن أصلها بالفتح كما هو ظاهر عبارته .
قوله : { فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ } أي : خلقنا أصلكم وهو آدم من تراب نظيره قوله : { كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ{[30174]} } [ آل عمران : 59 ] وقوله : «مِنْهَا خَلَقْنَاكُم »{[30175]} {[30176]} . ويحتمل أن خلقة الإنسان من المني ودم الطمث وهما إنما يتولدان من الأغذية ، والأغذية إما حيوان أو نبات ، وغذاء الحيوان ينتهي إلى النبات قطعاً للتسلسل والنبات إنما يتولد من الأرض والماء فصحّ قوله : { إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ }{[30177]} .
قال النووي{[30178]} في التهذيب : التراب معروف ؛ والمشهور الصحيح الذي قاله الفراء والمحققون أنه جنس لا يثنى ولا يجمع{[30179]} . ونقل أبو عمر الزاهد{[30180]} في شرح الفصيح عن المبرد أنه قال : هو جمع واحدته ترابة ، والنسبة إلى التراب ترابي{[30181]} . وذكر النحاس في كتابه صناعة الكتاب : في التراب خمس عشرة{[30182]} لغة فقال{[30183]} يقال : تراب وتَوْرب على وزن جعفر ، وتَوْرَاب ، وتَيْرب - بفتح أولهما - والإِثلب والأَثلَب الأول بكسر الهمزة واللام ، والثاني بفتحهما{[30184]} ، والثاء مثلثة فيهما{[30185]} ومنه قولهم : بفيه الأثلب ، وهو الكَثْكَث - بفتح الكافين وبالثاء المثلثة المكررة ، والكثكث - بكسر الكافين - والدِّقعِم - بكسر الدال والعين - والدَّقعاء بفتح الدال والمد ، والرَّغام - بفتح الراء والغين المعجمة - ومنه : أرغم الله أنفه ، أي : ألصقه بالرغام وهو البرا{[30186]} مقصور مفتوح الباء الموحدة كالعصا ، والكِلْخِم{[30187]} بكسر الكاف والخاء المعجمة وإسكان اللام بينهما{[30188]} ، والكِلْخ بكسر الكاف واللام وإسكان الميم بينهما والخاء أيضاً معجمة ، والعِثْير بكسر العين المهملة وإسكان الثاء المثلثة وبعدها مثناة من تحت مفتوحة{[30189]} .
قوله : { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } والنطفة اسم للماء القليل ، أي ماء كان ، وهو هنا ماء الفحل ، وجمعها نطاف{[30190]} ، فكأنه سبحانه يقول : أنا الذي قلبت ذاك التراب اليابس ماء لطيفاً مع أنه لا مناسبة بينهما{[30191]} . والمراد من الخلق من النطفة الذرية .
قوله : { ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ } والعلقة قطعة الدم الجامدة ، وجمعها عَلَق ولا شك أن بين الماء وبين الدم الجامد مباينة شديدة{[30192]} . وعن بعضهم وقد سئل عن أصعب الأشياء فقال : وقع الزلق على العلق ، أي : على دم القتلى في المعركة . {[30193]}
قوله : { ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ } المُضْغَة : القطعة من اللحم قدر ما يمضغ{[30194]} نحو الغُرْفَة ، والأكْلَة بمعنى المغروفة والمأكولة .
قوله : { مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ } العامة على الجر في «مُخَلَّقةٍ » وفي «غَيْر » على النعت . وقرأ ابن أبي عبلة بنصبهما{[30195]} على الحال من النكرة ، وهو قليل جداً ، وإن كان سيبويه قاسه . {[30196]}
والمُخَلَّقَة : الملساء التي لا عيب فيها من قولهم : صخرة خلقاء ، أي : ملساء{[30197]} وخَلَّقْتُ السواك : سوَّيْتُه ومَلَّسْتُه . وقيل : التضعيف في «مُخَلَّقَةَ » دلالة على تكثير الخلق ؛ لأن الإنسان ذو أعضاء متباينة وخلق متفاوتة . قاله الشعبي وقتادة وأبو العالية{[30198]} وقال ابن عباس وقتادة : «مُخَلَّقة » تامة الخلق ، و «غير مخلقة » أي ناقصة الخلق{[30199]} . وأبو مجاهد : مصورة وغير مصورة ، وهو السقط{[30200]} . وقيل : المُخَلَّقَة من تمت فيه أحوال الخلق ، وغير المخلقة من لم يتم فيه أحوال الخلق قاله قتادة والضحاك{[30201]} . وقيل : المُخَلَّقة{[30202]} الولد الذي تأتي به المرأة لوقته ، وغير المخلقة السقط . وروى علقمة عن ابن مسعود قال : «إن النطفة إذا استقرت في الرحم أخذها ملك بكفه ، وقال : أي رب{[30203]} مخلقة أو غير مخلقة ، فإن قال : غير مخلقة قذفها في الرحم دماً ولم يكن نسمة ، وإن قال : مخلقة ، قال الملك : أي رب أذكر{[30204]} أم أنثى أشقي{[30205]} أم سعيد ، ما الأجل ما العمل ما الرزق وبأي أرض تموت ؟ فيقال له : اذهب إلى أم الكتاب فإنك تجد فيها كل ذلك ، فيذهب فيجدها في أم الكتاب فينسخها{[30206]} فلا يزال معه حتى يأتي على آخر صفته » . قوله : «لِنُبَيِّنَ لَكُم » أي : لنبين لكم كمال قدرتنا وحكمتنا في تصريف أطوار خلقكم لتستدلّوا بقدرته في ابتداء الخلق على قدرته على الإعادة{[30207]} وقيل : لنبين لكم أن تغيير الصفة والخلقة هو اختيار من الفاعل المختار ، ولولاه لما صار بعضه{[30208]} مخلقاً وبعضه غير مخلق{[30209]} وقيل : لنبين لكم ما تأتون وما تذرون وما تحتاجون إليه في العبادة{[30210]} .
قوله : { وَنُقِرُّ فِي الأرحام مَا نَشَآءُ } العامة على رفع «وَنُقِرُّ » ، لأنه مستأنف ، وليس علة{[30211]} لما قبله فينصب نسقاً على ما تقدم . {[30212]} وقرأ يعقوب ، وعاصم في رواية بنصبه{[30213]} .
قال أبو البقاء : على أن يكون معطوفاً في اللفظ والمعنى مختلف ، لأن اللام في «لِنُبَيِّنَ » للتعليل واللام المقدرة مع{[30214]} «نُقِرُّ » للصيرورة{[30215]} . وفيه نظر ، لأن قوله : معطوفاً في اللفظ . يدفعه قوله : واللام المقدرة . فإن تقدير اللام يقتضي النصب بإضمار ( أن ) بعدها لا{[30216]} بالعطف على ما قبله . وعن عاصم أيضاً : «ثُمَّ نُخْرِجَكُمْ » بنصب الجيم{[30217]} . وقرأ ابن أبي عبلة «لِيُبَيِّن » و «يُقِرُّ » بالياء من تحت فيهما{[30218]} ، والفاعل هو الله تعالى كما في قراءة النون .
وقرأ يعقوب في رواية «ونَقُرُّ » بفتح النون وضم القاف ورفع الراء من قرَّ الماء يقرُّه أي : صبَّه{[30219]} . وقرأ أبو زيد النحوي «ويَقر » بفتح الياء من تحت وكسر القاف ونصب الراء{[30220]} أي : ويقر الله وهو من قَرَّ الماء إذا صبه . وفي الكامل{[30221]} لابن جبارة{[30222]} «لنبين ، ونقر ، ثم نخرجكم » بالنصب فيهن يعني بالنون في الجميع ، المفضل بالياء فيهما مع النصب أبو حاتم ، وبالياء والرفع عن عمر بن شبة{[30223]} . انتهى{[30224]} .
وقال الزمخشري : والقراءة بالرفع إخبار بأنه تعالى : يقر في الأرحام ما يشاء أن يقره . ثم قال : والقراءة بالنصب تعليل معطوف على تعليل ومعناه : جعلناكم مدرجين هذا التدريج لغرضين :
والثاني : أن نقر في الأرحام من نقر حتى يولدوا وينشئوا ويبلغوا حد التكليف فأكلفهم ، ويعضد هذه القراءة قوله : { ثُمَّ لتبلغوا أَشُدَّكُمْ{[30225]} } . قال شهاب الدين : تسميته مثل هذه الأفعال المسندة إلى الله تعالى غرضاً لا يجوز{[30226]} . وقرأ ابن وثاب «نِشَاء » بكسر النون وهو كسر حرف المضارعة{[30227]} كما تقدم في قوله : «نسْتَعِينُ » . {[30228]}
والمراد بالأجل المسمى يعني نقر في الأرحام ما نشاء فلا نمحه ولا نسقطه إلى أجل مسمى وهو حد الولادة ، وهو آخر ستة أشهر أو تسعة أشهر أو أربع سنين كما شاء وقدر تام الخلق والمدة .
قوله : { ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } أي : تخرجون من بطون أمهاتكم ، «طِفْلاً » حال من مفعول «نُخْرِجُكُم{[30229]}« ، وإنما وحِّدَ ، لأنه في الأصل مصدر كالرضا والعدل ، فيلزم الإفراد والتذكير ، قاله المبرد{[30230]} ، وإما لأنه مراد به الجنس{[30231]} ، ولأنه العرب تذكر الجمع باسم الواحد قال تعالى : { وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ{[30232]} } [ التحريم : 4 ] وإما لأن المعنى نخرج كل واحد منكم ، نحو{[30233]} : القوم يشبعهم رغيف ، أي : كل واحد منهم{[30234]} . وقد يطابق به ما يراد به فيقال : طفلان وأطفال{[30235]} ، وفي الحديث : «سُئِلَ عَنْ أَطْفَالِ المُشْرِكِينَ{[30236]} » . والطفل يطلق على الولد من حين الانفصال إلى البلوغ{[30237]} . وأما الطفل - بالفتح - فهو الناعم ، والمرأة طفلة{[30238]} ، قال :
وَلَقَدْ لَهَوْتُ بِطَفْلَةٍ ميَّالةٍ *** بَلْهَاءَ تُطْلِعُنِي عَلَى أَسْرَارِهَا{[30239]}
أَحْبَبْتُ فِي الطَّفْلَةِ القُبَلاَ *** لاَ كَثِيراً يُشْبِه الحولا{[30240]}
أما الطَّفَل : بفتح الفاء والطاء - فوقت ( ما بعد العصر ، من قولهم : طفلت{[30241]} الشمس : إذا مالت للغروب{[30242]} ، وأطفلت المرأة أي صارت ذات طفل{[30243]} ) .
قوله{[30244]} : { ثُمَّ لتبلغوا أَشُدَّكُمْ } الأَشُدُّ : كمال القوة والعقل ، وهو من ألفاظ الجموع التي لا واحد لها ، فبنيت لذلك على لفظ الجمع{[30245]} ، والمعنى : أنه سهل في تربيتكم وأغذيتكم أموراً كثيراً{[30246]} إلى بلوغ أشدكم ، فنبه بذلك على الأحوال التي بين خروج الطفل من بطن أمه وبين بلوغ الأشد ، لأن بين الحالتين وسائط{[30247]} .
قوله : { وَمِنكُمْ مَّن يتوفى } العامة على ضم الياء من «يُتَوَفَّى » وقرأت فرقة «يَتَوفَّى » بفتح الياء{[30248]} ، وفيه تخريجان :
أحدهما : أن الفاعل ضمير الباري تعالى ، أي{[30249]} : يتوفاه الله تعالى{[30250]} . كذا قدره الزمخشري . {[30251]}
الثاني : أن الفاعل ضمير «من » أي : يتوفى أجله{[30252]} وهذه القراءة كالتي في البقرة { والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ{[30253]} } [ البقرة : 234 ] أي : مدتهم . ومعنى الآية : { وَمِنكُمْ مَّن يتوفى } على قوته وكماله ، { وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إلى أَرْذَلِ العمر } وهو الهرم والخوف فيصير كما كان في أوان الطفولية ضعيف البنية سخيف{[30254]} العقل قليل الفهم{[30255]} . وروي عن أبي عمرو ونافع أنهما قرآ «العُمْر » بسكون الميم{[30256]} وهو تخفيف قياسي نحو عُنْق في عُنُق{[30257]} .
قوله : «لِكَيْلاَ يَعْلَم » هذا الجار يتعلق ب «يرد{[30258]} » وتقدم نظيره في النحل{[30259]} والمعنى يبلغ من السن ما يتغير{[30260]} عقله فلا يعقل شيئاً . فإن قيل : إنه يعلم بعض الأشياء كالطفل فالجواب : المراد أنه يزول عقله فيصير كأنه لا يعلم شيئاً{[30261]} . لأن مثل ذلك قد يذكر في النفي مبالغة . ومن الناس من قال هذه الحال لا تحصل للمؤمنين لقوله تعالى : { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلاَّ الذين آمَنُواْ{[30262]} } [ التين : 5 - 6 ] وهو{[30263]} ضعيف ، لأن معنى قوله «ثُمَّ رَدَدْنَاهُ » دلالة على الذم ، فالمراد ما يجري مجرى العقوبة ، ولذلك قال { إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ{[30264]} } [ التين : 6 ] وهذا تمامِ الاستدلال بخلقة الحيوان{[30265]} . وأما الاستدلال بخلقة النبات فهو قوله تعالى : { وَتَرَى الأرض هَامِدَةً } فنصب «هَامِدَةً » على الحال ، لأن الرؤية بصرية . والهمود : الخشوع والسكون ، وهمدت الأرض : يبست ودرست ، وهمد الثوب : بلي{[30266]} ، قال الأعشى :
فَالَتْ قُتَيْلَة مَا لجِسْمِكَ شَاحِباً *** وَأَرَى ثِيَابَكَ بَاليَاتٍ هُمَّدَا{[30267]}
والاهتزاز التحرك{[30268]} ، وتجوز به هنا عن إنبات الأرض نباتها بالماء . والجمهور على «رَبَتْ » أي : زادت من ربا يربو{[30269]} . وقرأ أبو جعفر وعبد الله بن جعفر{[30270]} وأبو عمرو في{[30271]} رواية «وربأت » بالهمز{[30272]} أي ارتفعت . يقال : ربأ بنفسه عن كذا ، أي : ارتفع عنه ، ومنه الربيئة ، وهو من يطلع على موضع عال لينظر للقوم ما يأتيهم ، وهو عين القوم ، ويقال له : ربيء أيضاً{[30273]} قال الشاعر :
بَعَثْنَا رَبيْئاً قَبْلَ ذَلِكَ مُخْملا **** كَذِئْبِ الغَضَا يَمْشِي الضّراءَ وَيَتَّقِي{[30274]}
قوله : { مِن كُلِّ زَوْجٍ } . فيه وجهان :
أحدهما : أنه صفة للمفعول المحذوف ، تقديره : وأنبتت ألواناً أو{[30275]} أزواجاً من كل زوج{[30276]} .
والثاني : أن ( من ) زائدة ، أي أنبتت كل زوج ، وهذا ماش عند الكوفيين والأخفش{[30277]} والبهيج : الحسن الذي يسر{[30278]} ناظره ، وقد بَهُج بالضم بهاجة{[30279]} وبَهْجَةً أي حسن وأبهجني كذا أي : سرني بحسنه{[30280]} .
المعنى : { وَتَرَى الأرض هَامِدَةً } يابسة لا نبات فيها ، { فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء } المطر «اهْتَزَّت » تحركت بالنبات ، والاهتزاز الحركة على سرور ، ورَبَتْ أي : ارتفعت وزادت{[30281]} ، وذلك أن الأرض ترتفع وتنتفخ ، فذلك{[30282]} تحركها . وقيل : فيه تقديم وتأخير معناه : ربت واهتزت{[30283]} . قال المبرد : أراد اهتزت وربا نباتها فحذف المضاف . والاهتزاز في النبات أظهر يقال : اهتز النبات ، أي : طال ، وإنما أنث لذكر الأرض{[30284]} .
{ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } وهذا مجاز{[30285]} لأن الأرض لا تنبت وإنما المنبت هو الله تعالى ، لكنه يضاف إليها توسعاً . ومعنى من كل نوع من أنواع النبات والبهجة : حسن الشيء ونضارته ، ثم إنه تعالى لما قرر هذين الدليلين رتب عليهما{[30286]} ما هو المطلوب وذلك قوله تعالى { ذلك بِأَنَّ الله هُوَ الحق } الآية{[30287]} .