اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَٰدِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيۡطَٰنٖ مَّرِيدٖ} (3)

قوله : { وَمِنَ الناس مَن يُجَادِلُ فِي الله }{[30123]} الآية . في النظم وجهان :

الأول : أنه أخبر فيما تقدم عن أهل القيامة وشدتها ، ودعا الناس إلى تقوى الله ، ثم ميز في هذه الآية قوماً من الناس الذين ذكروا في الأولى وأخبر عن مجادلتهم .

الثاني : أنه تعالى بيَّن أنه مع هذا التحذير الشديد بذكر زلزلة الساعة وشدائدها ، قال : { وَمِنَ الناس مَن يُجَادِلُ فِي الله بِغَيْرِ عِلْمٍ } . {[30124]}

قوله : «مَنْ يُجَادِلُ » يجوز أن تكون «مَنْ » نكرة موصوفة{[30125]} ، وأن تكون موصولة ، و «فِي اللَّهِ » أي : في صفاته{[30126]} ، و «بِغَيْرِ عِلْمٍ » مفعول أو حال من فاعل «يُجَادِلُ{[30127]} » وقرأ زيد بن عليّ «وَيَتْبَع » مخففاً . {[30128]}

فصل

قال المفسرون : نزلت في النضر بن الحارث ، كان كثير الجدل ، وكان يقول : الملائكة بنات الله والقرآن أساطير الأولين ، وكان ينكر البعث ، وإحياء من صار تراباً ، ويتبع في جداله في الله بغير علم كل شيطان مريد . والمَرِيد : المتمرد المستمر في الشر{[30129]} . يريد شياطين الإنس ، وهم رؤساء الكفار الذين يدعون من دونهم إلى الكفر {[30130]} .

وقيل : أراد إبليس وجنوده ، قال الزجاج المريد والمارد : المرتفع الأملس . يقال : صخرة مرداء ، أي : ملساء{[30131]} . ويجوز أن يستعمل في غير الشيطان إذا جاوز [ حد{[30132]} ] مثله . {[30133]}

قوله :

3


[30123]:في الله: سقط من الأصل.
[30124]:انظر الفخر الرازي 23/ 6.
[30125]:انظر التبيان 2/ 932.
[30126]:انظر البحر المحيط 6/ 351.
[30127]:انظر التبيان 2/ 932.
[30128]:البحر المحيط 6/ 351.
[30129]:انظر البغوي 5/ 551-552.
[30130]:انظر الفخر الرازي 23/ 6.
[30131]:النص بلفظه من الفخر الرازي 23/ 6، وبالمعنى من معاني القرآن وإعرابه 3/ 411.
[30132]:حد: تكملة تقتضيها السياق.
[30133]:انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج 3/ 411، الفخر الرازي 23/ 6.