السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَأَلۡقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعۡبَانٞ مُّبِينٞ} (32)

{ فألقى } أي : فتسبب عن ذلك وتعقبه أن ألقى موسى { عصاه } التي تقدم في غير سورة أنّ الله تعالى أراه إياها ولم يصرّح باسمه اكتفاء بضميره لأنه غير ملتبس { فإذا هي ثعبان } أي : حية في غاية الكبر { مبين } أي : ظاهر ثعبانيته ، روي أنها لما انقلبت حية ارتفعت إلى السماء قدر ميل ثم انحطت مقبلة إلى فرعون تقول يا موسى مرني بما شئت ، ويقول فرعون أسألك بالذي أرسلك إلا ما أخذتها فأخذها فعادت عصا ، فإن قيل : كيف قال هنا { ثعبان مبين } وفي آية أخرى { فإذا هي حية تسعى } ( طه : 20 )

وفي آية ثالثة { كأنها جان } ( النمل : 10 ) والجان مائل إلى الصغر والثعبان إلى الكبر ؟ أجيب : بأن الحية اسم الجنس ثم لكبرها صارت ثعباناً ، وشبهها بالجان لخفتها وسرعتها ، ويحتمل أنه شبهها بالشيطان لقوله تعالى : { والجانّ خلقناه من قبل من نار السموم } ( الحجر : 27 ) ويحتمل أنها كانت صغيرة كالجان ثم عظمت فصارت ثعباناً .