اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ} (44)

قوله تعالى : { خَلَقَ الله السماوات والأرض بالحق } بالحق{[41526]} وإظهار الحق { إِنَّ فِي ذَلِكَ } إن في خلقها «لآيَة لِلْمُؤْمِنِينَ » على قدرته وتوحيده ، فإن قال قائل كيف خص الآية{[41527]} في خلق السماوات والأرض بالمؤمنين مع أَن في خَلْقِهَا{[41528]} آية لكل عاقل كما قال تعالى : { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله }{[41529]} وقال تعالى : { إِنَّ فِي خَلْقِ السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }{[41530]} .

فالجواب : خلق السموات والأرض آية لكل عاقل ، وخلقهما بالحق آية للمؤمنين فحسب ويدل عليه النقل والنقل ، أما النقل فقوله تعالى : { مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بالحق ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }{[41531]} أخرج أكثر الناس عن العلم بكونه خلقهما بالحق مع أنه أثبت للكل بأنه خلقهما بقوله : { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله } وأما العقل فَ ( هُوَ أَنَّ ){[41532]} العاقل أَول ما ينظر إلى خلق السماوات والأرض يعلم أن لها خالقاً وهو الله ، ثم ( من ){[41533]} يهديه الله لا يقطع النظر عنهما عند مجرد ذلك بل يقول : إنه خلقهما متقناً محكماً وهو المراد من قوله : «بالحق » لأن ما لا يكون محكماً يفسد ويبطل فيكون باطلاً ، وإذا علم أن خالقهما متقناً يقول : إنه قادرٌ كاملٌ ، حيث خلق ، فأحكم ، وعالم علمه شامل حيث أتقن فيقول : { لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ } ولا يعزب عن علمه أجزاء الموجودات في الأرض ولا في السماوات ، ولا يعجز عن جمعهما كما جمع أجزاء الكائنات والمبدعات فيجوز بعث مَن في القبور ، وبعثة الرسل ، وهما بالخلق موجودان فيحصل له الإيمان بتمامه من خلق ما خلقه الله على أحسن نظامه .


[41526]:في "ب" للحق.
[41527]:في "ب" ختم الآية.
[41528]:في "ب" خلفهما.
[41529]:الزمر: 38.
[41530]:البقرة: 164.
[41531]:الدخان: 39.
[41532]:ساقط من "ب".
[41533]:ساقط من "ب".