قوله تعالى : { اتل مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الكتاب } يعني القرآن لتعلم أن «نوحاً » و «لوطاً » وغيرهما كانوا على{[41534]} ما أنت عليه بلغوا الرسالة ، وبالغوا في إقامة الدلالة ، ولم ينقذوا قومهم من الضلالة ، وهذا تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - ( وشرّف وكرّم ){[41535]} .
قوله : { وَأَقِمِ الصلاة إِنَّ الصلاة تنهى عَنِ الفحشاء والمنكر } الفحشاء : ما قَبُحَ من الأعمال ، والمنكر ما لا يُعْرَف في الشرع . قال ابن مسعود{[41536]} ، وابن عباس : في الصلاة منتهى ومزدجر عن معاصي الله فمن لم تأمره صلاته بالمعروف ، ولم تنهه عن المنكر لم يزدد بصلاته من الله إلا بُعداً{[41537]} ، وقال الحسن وقتادة{[41538]} : من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فصلاته وَبَالٌ عليه ، ورُوِيَ عن أنس بن مالك{[41539]} قال : «كان فتى من الأنصار يصلي الصلوات مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم ثم ( لا ){[41540]} يدع شيئاً من الفواحش إلا ركبه فوصف لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حالُه فقال : «إنَّ صلاته تنهاهُ يوماً » فلم يلبث أن تاب{[41541]} وحَسُنَ حاله ، وقال ابن عون{[41542]} : معنى الآية : إن الصلاة تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر ما دام{[41543]} فيها ، وقيل : المراد بالصلاة القرآن كما قال : { ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها }{[41544]} ، أي بقراءتك ، وأراد أنه يقرأ القرآن في الصلاة ، فالقرآن يَنْهَاهُ عن الفحشاء والمنكر .
قوله : { وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ } أي ذكر الله أفضل الصناعات ، قال عليه ( الصلاة و ){[41545]} السلام : «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بخيرِ أَعْمَالِكُمْ وأزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وأرْفَعِهَا في دَرَجَاتِكُمْ وخَيْرٍ منْ إعطَاءِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ وأن تَلْقوا عَدُوَّكُمْ فَتَضْربُوا أعْنَاقَهُمْ ويَضْرِبُوا أعْنَاقَكُمْ » قالوا : ماذا{[41546]} يا رسول الله ؟ قال : ذِكْرُ الله{[41547]} وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أيّ العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة ؟ قال : الذَّاكِرُونَ الله كثيراً ، قالوا يا رسول الله : ومِنَ الغازي{[41548]} في سبيل الله ، فقال : لو ضرب بسيفه الكفارَ والمشركين حتى ينكسر أو يَخْتَضِبَ{[41549]} دماً لكان الذاكرون الله كثيراً أفضل منهُ{[41550]} » وروى أبو هريرة قال : «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسير في طرق مكة فمرَّ على جَبلٍ يقال له : حَمْدَان ، فقال : سيروا هذا حَمْدان{[41551]} . سبق المُفْرَدُونَ ، قالوا : وما المفردون يا رسول الله ؟ قال : الذاكرون الله كثيراً والذاكرات » .
قيل : معنى قوله : { ولذكر الله أكبر } أي ذكر الله إياكم أفضلُ من ذكركم إياه رُوِيَ{[41552]} ذلك عن عبد الله{[41553]} ، وهو قول مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير{[41554]} ، ويروى مرفوعاً عن موسى بن{[41555]} عُقْبة عن نافع عن ابن عمر{[41556]} عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال عطاء{[41557]} في قوله : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر } من أن يَبْقَى معه معصية { والله يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } قال عطاء : لا يخفى{[41558]} عليه شيء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.