اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلۡعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتۡ بَيۡتٗاۖ وَإِنَّ أَوۡهَنَ ٱلۡبُيُوتِ لَبَيۡتُ ٱلۡعَنكَبُوتِۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (41)

قوله ( تعالى ){[41493]} : { مَثَلُ الذين اتخذوا مِن دُونِ الله ( أَوْلِيَاءَ ){[41494]} } يعني الأصنام يرجون نصرها ونفعها { كَمَثَلِ العنكبوت اتخذت } لنفسها «بَيْتاً » تأوي إليه ، وإن بيتها في غاية الضعف والوهي{[41495]} لا يدفع عنها حراً ولا برداً كذلك الأوثان لا تملك لعابدها نفعاً ولا ضرّاً {[41496]}{ وَإِنَّ أَوْهَنَ البيوت لَبَيْتُ العنكبوت ( لَوْ كَانُواْ{[41497]} يَعْلَمُونَ } . واعلم أنه تعالى مثل اتخاذهم الأوثان أولياء باتخاذِ العنكبوت ) نسجه بيتاً ولم يمثل «نسجه » لأن «نسجه » له{[41498]} فائدة لولاه لما{[41499]} حصل ، وهو اصطيادها الذباب من غير أن يفوته ما ( هو ){[41500]} أعظم منه واتخاذهم الأوثان يفيدهم ما هو أقل من الذباب من متاع الدنيا ولكن يفوتهم ما هو أعظم منها وهو الدار الآخرة ( التي ){[41501]} هي خير وأبقى ، فليس اتخاذهم كنسج العنكبوت . وقوله : { وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون } إشارة إلى ما بينا أن كل بيت ففيه إما فائدة الاستظلال أو غير ذلك ، وبيته يضعف عن إفادة ذلك لأنه يَخْرُبُ بأدنى شيء ، ولا يبقى منه عينٌ ولا أثر ، فكذلك عملهم ، { لو كانوا يعلمون } . ( وَ ){[41502]} العنكبوت معروف ، ونونه أصلية . والواو والتاء مزيدتان بدليل جمعه على «عناكب » وتصغيره عنيكب ويذكر ويؤنث ، فمن التأنيث قوله : «اتخذت بيتاً » ومن التذكير قوله :

4030 - عَلَى هَطَّالِهِمْ مِنْهُمْ بُيُوتٌ *** كَأَنَّ العَنْكبُوت هو ابْتَنَاهَا{[41503]}

وهذا مطرد في أسماء الأجناس يذكر ويؤنث .

قوله : { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } جوابه محذوف أي لما اتخذوا من يضرب له{[41504]} بهذه الأمثال لِحَقَارَتِهِ ومتعلق يعلمون لا يجوز أن يكون من جنس قوله : { وإنّ أوهنَ البيوت } لأن كل أحد يعلم ذلك ، وإنما متعلَّقُهُ مقدر من جنس ما يدل عليه السياق أي لو كانوا يعلمون أن هذا مثلهم .


[41493]:ساقط من (ب).
[41494]:ساقط من (ب).
[41495]:في (ب) والوهن.
[41496]:في (ب) ضراً ولا نفعاً.
[41497]:ما بين القوسين ساقط من (ب).
[41498]:في (ب) فيه.
[41499]:في (ب) ما حصل.
[41500]:ساقط من (ب).
[41501]:ساقط من (ب).
[41502]:ساقط من (ب).
[41503]:البيت من تمام الوافر ولم أعرف قائله، والهطال: اسم جبل، والمعنى أنهم في متناول يد أعدائهم لضعف بيوتهم وذلك كناية عن قلة المدافعين عنها فأشبهت بيت العنكبوت في ضعفها ووهنها. وجيء بالبيت استشهاداً على أن العنكبوت مذكر، وهو مذهب لناس من العرب وكأنه ذهب إلى الجنس. (انظر معاني الفراء 2/317، واللسان "عنكب" 3138 و"هطل" 4765، وإعراب القرآن للنحاس 3/257 والمذكر والمؤنث للفراء 102، والمذكر والمؤنث لابن الأنباري 1/426، ومعجم البلدان 5/408، ومجمع البيان 7/446، والبحر المحيط 7/152، والقرطبي 13/345، والسراج المنير 3/143 والخزانة 2/322 والمخصص والتاج "هطل".
[41504]:في "ب" به.