اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قُل لَّن يَنفَعَكُمُ ٱلۡفِرَارُ إِن فَرَرۡتُم مِّنَ ٱلۡمَوۡتِ أَوِ ٱلۡقَتۡلِ وَإِذٗا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلٗا} (16)

قوله : «إنْ فَرَرْتُمْ » جوابه محذوف لدلالة النفي قبله عليه أو متقدم عند من يرى{[43258]} ذلك .

قوله : { وَإِذاً لاَ تُمَتَّعُونَ } إذَنْ جواب وجزاء ، ولما وقعت بعد عاطف جاءت على الأكثر وهو عدم إعمالها ولم يشذّ{[43259]} هنا ما شَذَّ في الإسراء ، فلم يقرأ بالنصب{[43260]} ، والعامة بالخطاب{[43261]} في «تُمَتَّعُونَ » . وقرئ بالغيبة{[43262]} .

فصل :

المعنى : «قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمْ الفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ المَوْتِ أَو القَتْلِ } الذي كتب عليكم لأن من حضر أجله مات أو قتل { وَإِذاً لاَ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } أي لا تمتعون بعد الفِرار إلا مدة آجالكم وهي قليل . وهذا إشارة إلى أن الأمور مقدرة لا يمكن الفرار مما قدره الله لأنه كائن لا محالة فلو فررتم لما دمتم بل لا تمتعون إلا قليلاً وهو ما بقي من آجالكم فالعاقل لا يرغب في شيء قليل يفوت عليه شيئاً كثيراً{[43263]} .


[43258]:وسيبويه ممن قال بالتقديم فقد قال: (وقد تقول: إن أتيتني آتيك" أي آتيك إن آتيتني) انظر: الكتاب 3/66. وعلى ذلك فالجواب هو: "لن ينفعكم الفرار" النفي بينما رأي المبرد من البصريين والكوفيين غير ذلك، انظر: الهمع 2/60.
[43259]:يشير إلى الآية 176: "وإذاً لا يلبثون خلافك إلا قليلاً" فقد قرئ بنصب: "يلبثوا" على إعمال "إذاً" ونصب الفعل "بأن" مضمرة وجوباً وهي قراءة أبي بن كعب ذكره أبو حيان في البحر 6/66 والفراء في معانيه 2/337 و 338.
[43260]:وقد عرف أنها قراءة أبي وانظر: المراجع السابق.
[43261]:في "ب" على الخطاب.
[43262]:ذكرها في البحر المحيط 7/219 والدر المصون 4/272 والقرطبي 14/151 ولقد ذكر القرطبي قراءة ثالثة وهي "وإذاً لا تمتعوا" نصب "بإذاً". وانظر: إعراب القرآن للنحاس 4/307.
[43263]:انظر: تفسير الفخر الرازي 25/200.