قوله : { مِنَ المؤمنين رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ } ووفوا به .
قوله : «صدقوا » صدق يتعدى لاثنين لثانيهما بحرف الجر{[43354]} ، ويجوز حذفه{[43355]} ومنه المثل : «صَدَقَنِي سِنَّ بَكْرة »{[43356]} أي في سن . والآية يجوز أن تكون من هذا ، والأول محذوف أي صدقوا الله فيما عاهدوا الله عليه ، ويجوز أن يتعدى لواحد كقولك «صَدَقَنِي زَيْدٌ ، وكَذَبَنِي عَمْرٌو » أي قال لي الصدق وقال الكذب ، ويكون المعاهد عليه مصدوقاً مجازاً كأنهم قالوا للشيء المعاهد عليه لنوفين بك وقد فعلوا{[43357]} و «ما » بمعنى الذي ، ولذلك عاد عليها الضمير في «عليه »{[43358]} ، وقال مكي «ما » في موضع نصب «بصدقوا » وهي والفعل مصدر تقديره «صَدَقُوا » العهد أي وفوا به{[43359]} . وهذا يرده عود الضمير إلا أن الأخفش وابن السراج{[43360]} يذهبان إلى اسمية «ما » المصدرية .
( قوله{[43361]} ) : «قَضَى نَحْبَهُ » النحب ما التزمه الإنسان واعتقد الوفاء به قال :
4079 - عَشِيَّةَ فَرَّ الحَارِثيُّونَ بَعْدَمَا *** قَضَى نَحْبَهُ فِي مُلْتَقَى القَوْمِ هَوْبَرُ{[43362]}
4080 - بِطَخْفَةَ جَالَدْنَا المُلُوكَ وَخَيْلُنَا *** عَشِيَّةَ بَسْطَامٍ جَرَيْنَ عَلَى نَحْبِ{[43363]}
أي على أمر عظيم ، ولهذا يقال : نحب فلان أي نذر نذراً التزمه ويعبر به عن الموت كقولهم «قَضَى أجله »{[43364]} لما كان الموت لا بد منه جعل كالشيء الملتزم والنحيب البكاء معه صوت .
قال المفسرون معنى { صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ } أي وفوا بعهدهم الذي عاهدوا الله «فَمِنْهُمْ من قضى نَحْبَهُ » أي فرغ من نذره ووفاه بعهده فصبر على الجهاد وقاتل حتى قتل والنحيب{[43365]} النذر قال القُرطبي : مَنْ قَضَى نحبه{[43366]} أجله فقتل على الوفاء يعني حمزة وأصحابه ، وقيل : قضى نحبه أي{[43367]} بذل جهده في سبيل الوفاء بالعهد من قول العرب «نحب فلان في سيره يومه وليلته أجمع » إذ مد فلم ينزل { وَمِنْهُمْ مَن يَنتَظِرُ } الشهادة يعني من بقي من المؤمنين ينتظرون أحد أمرين إما الشهادة أو النصر { وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً } بخلاف المنافقين فإنهم قالوا : لا نولي الأدبار وبدلوا قولهم وولوا أدبارهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.