قوله : { أَوَ آبَآؤُنَا } قرأ ابنُ عَامر وقالون : بسكون الواو على أنها «أَوْ »{[46849]} العاطفة المقتضية للشك والباقون بفتحها{[46850]} على أنها همزة استفهام دخلت على واو العطف ، وهذا الخلاف جار أيضاً في «الواقعة »{[46851]} وتقدم مثل هذا في الأعراف في قوله : { أَوَ أَمِنَ أَهْلُ القرى }{[46852]} [ الأعراف : 98 ] فمن فتح الواو أجاز في : «آبَاؤُنَا » وجهين :
أحدهما : أن يكون معطوفاً على محل إن واسمها . {[46853]}
والثاني : أن يكون معطوفاً على الضمير المستتر في : «لَمَبْعُوثُونَ »{[46854]} . واستغني بالفصل بهمزة الاستفهام ، ومن سكنها تعين فيما الأول دون الثاني على قول الجمهور لعدم الفاصل ، وقد أَوْضَحَ هذا الزمخشريُّ حيث قال : «أو آباؤنا » معطوف على محل إنَّ واسمها أو على الضمير في : «لَمَبْعُوثُونَ » والذي جوز العطف عليه الفصل بهمزة الاستفهام{[46855]} . قال أبو حيان : أما قوله معطوف على محل «إنّ » واسمها فمذهب سيبويه خلافه{[46856]} ، فإن قولك : «إنَّ زَيْداً قَائِمٌ وعمرو » وعمرو فيه مرفوع بالابتداء وخبره محذوف ، وأما قوله : أو على الضمير في لمبعوثون ( الخ . . .
. . فلا يجوز أيضاً ؛ لأن همزة الاستفهام لا تدخل إلى على الجمل لا على المفرد ؛ لأنه إذا عطف على المفرد كان الفعل عاملاً في المفرد بواسطة حرف العطف وهمزة الاستفهام لا يعمل ما قبلها فيما بعدها ، فقوله : { أَوَ آَبَاؤُنَا } مبتدأ محذوف الخبر لما ذكرنا{[46857]} . قلت{[46858]} : أما الرد الأول : فلا يلزم لأنه لا يُلْتَزَمُ{[46859]} مذهب سيبويه{[46860]} ، وأما الثاني : فإن الهمزة مؤكدة للأولى فهي داخلة في الحقيقة على الجملة إلا أنه فصل بين الهمزتين بإنّ واسْمِهَا وخبرها . ويدل على هذا ما قاله هو{[46861]} في سورة الواقعة فإنه قال : دخلت همزة الاستفهام على حرف العطف ، فإن قلت : كيف حسن العطف على المضمر في لمبعوثون ){[46862]} من غير تأكيد بنحن ؟ قلت : حسن للفاصل الذي هو الهمزة كما حسن في قوله : { مَآ أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا } [ الأنعام : 148 ] لفصل ( لا ){[46863]} المؤكدة بالنفي انتهى{[46864]} . فلم يذكر هنا غير هذا الوجه وتشبيهه بقوله لفصل ( لا ){[46865]} المؤكدة للنفي لأن لا مؤكدة للنفي المتقدم بما إلا أن هذا مشكلٌ بأن الحرف إذا كرر للتأكيد لم يُعَدْ في الأمر العام إلا بإعادة ما اتصل به أولاً أو بضميره . وقد مضى القول فيه{[46866]} . وتحصل في رفع «آباؤنا » ثلاثة أوجه : العطف على محل " إن " واسمها ، والعطف على الضمير المستكن في " لمبعوثون " . والرفع على الابتداء والخبر مضمر{[46867]} ، والعامل في «إذا » محذوف أي : أَنُبْعَثُ إذَا مِتْنَا . هذا إذا جعلتها ظرفاً غير متضمن لمعنى الشرط ، فإن جعلتها شرطية كان جوابها عاملاً فيها{[46868]} أي إذا متنا بُعِثْنَا أوْ حُشِرْنَا{[46869]} .
وقرئ «إذَا » دون استفهام{[46870]} ، وقد مضى القول فيه في الرعد{[46871]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.