قوله : { بَلْ عَجِبْتَ } قرأ الأَخَوَانِ بضم التاء والباقون بفتحها{[46818]} ، فالفتحُ ظاهر وهو ضمير الرسول أو كل من يصح منه ذلك . وأما الضم فعلى صرفه للمخاطب أي قُلْ يا محمد بل عَجِبْتُ أنا ، أو على إسناده للباري تعالى على ما يليق به{[46819]} . وقد تقدم هذا في البقرة{[46820]} وما ورد منه في الكتابِ والسنة . وعن شُرَيْحٍ{[46821]} أنه أنكرها وقال : اللَّهُ لا يَعجَبُ فبلغت إبْرَهِيمَ النَّخَعِيِّ فقال : إنَّ شريحاً كان مُعْجَباً برأيه قرأها مَنْ هو أعلم ( منه ){[46822]} ؛ يعني عبد اللَّهِ بن مسعود وابن عباس{[46823]} . والعَجَبُ من الله ليس كالتَّعَجُّب من الآدميين كما قال : { فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ الله مِنْهُمْ } [ التوبة : 79 ] وقال : { نَسُواْ الله فَنَسِيَهُمْ } [ التوبة : 67 ] . فالعجب من الآدميين إنكاره{[46824]} وتعظيمه والعُجْب من الله تعالى قد يكون بمعنى الإنكار والذَّمِّ وقد يكون بمعنى الاستحسان والرضا كما جاء في الحديث : «عَجِبَ رَبُّكُمْ مِنْ شَابِّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ »{[46825]} وقوله : «عَجِبَ رَبُّكُمْ مِن إِلِّكُمْ وقُنُوطِكِمْ وسُرْعَةِ إجَابتِهِ إيَّاكُمْ »{[46826]} . وسُئِلَ جُنَيْدٌ{[46827]} عن هذه الآية فقال : إن الله لا يعجب من شيء ولكن اللَّهَ وافق رسولَه لمَّا عِجِبَ رسولُهُ وقال : { إِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ } أي هو كما تقوله{[46828]} .
قوله : { وَيَسْخُرُونَ } يجوز أن يكون استئنافاً{[46829]} وهو الأظهر . وأن يكون حالاً . والمعنى أي عجبت من تكذيبهم إياك وهم يسخرون من تعجبك{[46830]} ، وقال قتادة : عَجِبَ نَبِيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا القرآن حين أنزل وضلال بني آدم وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يظن أن كل من يسمع القرآن يؤمن به فلما سمع المشركون القرآن فسخروا منه ولم يؤمنوا عجب النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك فقال الله تعالى : { بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخُرُونَ } وَإِذَاَ ذُكِّرُوا لاَ يّذْكُرُونَ «أي إذا وَعِظُوا بالقرآن لا يَتَّعِظُونَ . {[46831]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.