قوله تعالى : { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله } . . . . الآية . لما بين وعيد المشركين ووعد الموحدين عاد إلى إقامة الدليل على تَزْيِيفِ طريق عبدة الأوثان وهذا التَّزْييف مبني على أصلين :
الأصل الأوّل : أن هؤلاء المشركين مقرون بوجود الإله القادر العالم الحكيم وهو المراد من قوله : { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله } . قال بعض العلماء العلم بوجود الإله القادر الحكيم الرحيم علمٌ متفق عليه بين جمهور الخلائق لا نزاع بينهم فيه وفطرة العقل شاهدةً بصحة هذا العلم فإن من تأمل في{[47489]} عجائب بدن الإنسان وما فيه من أنواع الحِكَم الغريبة والمصالح العجيبة عِلمَ أنه لا بدّ من الاعتراف بالإله القادر الحكيم الرحيم .
والأصل الثاني : أن هذه الأصنام لا قدرة لها على الخير والشر وهو المراد من قوله : { قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ الله إِنْ أَرَادَنِيَ الله بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ } فثبت أنه لا بدّ من الإقرار بوجود ( الله ) الإله القادر الحكيم الرحيم ، وثبت أن هذه الأصنام لا قدرة لها على الخير والشر وإذا كان الأمر كذلك كانت عبادة الله كافيةً والاعتمادُ عليه كافياً وهو المراد من قوله : { قُلْ حَسْبِيَ الله عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ المتوكلون }{[47490]} .
قوله : { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ } هي{[47491]} المتعدية لاثنين أولهما : «ما تدعون » ، وثانيهما : الجملة الاستفهامية{[47492]} والعائد على المفعول منها قوله «هُنَّ » . وإنما أَنَّثَهُ تَحْقِيراً لما يدعون من دونه ولأنهم كانوا يسمونها بأسماء الإناث اللاتِ ومناةَ والعُزَّى{[47493]} ، وتقدم تحقيق هذا .
قوله : { هَلْ هُنَّ كَاشِفَات } قرأ أبو عمرو كاشفاتٌ وممسكاتٌ- بالتنوين- ونصب «ضُرَّهُ ورَحْمَتَهُ » وهو الأصل في اسم الفاعل{[47494]} . والباقون بالإضافة . وهو تخفيفٌ{[47495]} .
قال مقاتل : لما نزلت هذه الآية سألهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فسكتوا فقال الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ثِقَتي باللَّه واعتمادي { عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ المتوكلون } يثق الواثقون{[47496]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.