ولما وصف الله تعالى القرآن بأنهم أعرضوا عنه ولم يلتفتوا إليه بين أنهمه صرحوا بهذه النفرة ، وذكروا ثلاثة أشياء :
أحدها : قوله : «فِي أَكِنَّةٍ » ، قال الزمخشري : فإن قُلْتَ : هلا قيل : على قلوبنا أكنة ، كما قيل : وفي آذَانِنَا وقر ليكون الكلام على نمطٍ واحد ؟ قلت : هو على نمط واحد ؛ لأنه لا فرق في المعنى بين قولك : قلوبنا في أكنة ، وعلى قلوبنا أكنة ، والدليل عليه قوله تعالى : ( إنَّا ){[48519]} جعلنا على قُلُوبِهِم ، ولو قيل : جعلنا قلوبهم في أكنةٍ لم يختلف المعنى ، وترى المطابيع منه لا يرون{[48520]} الطباق ( والملاحظة ){[48521]} إلا في المعاني .
قال أبو حيان : و «في » هنا أبلغ من على ، لأنهم قصدوا الإفراط في عدم القبول بحصول قلوبهم في أكنة احتوت عليها احتواء الظرف على المظروف ، فلا يمكن أن يصل إليها شيء كما تقول : المالُ في الكيسِ بخلاف قولك : المالُ على الكيس ، فإنه لا يدل على الحَصر ، وعدم الوصول دلالة الوعاء ، وأما «وجعلنا » فهو من إخبار الله تعالى فلا يحتاج إلى مبالغة{[48522]} .
وتقدم تفسير الأكنة والوقر{[48523]} .
وقرأ طلحة بن مصرف وِقْر{[48524]} بكسر الواو وتقدَّم الفرق بينهما .
قوله : «مِمَّا تَدْعُونَا » من في «مِمَّا » وفي «ومِنْ بَيْننا » لابتداء الغاية والمعنى أن الحِجاب ابتداء منا وابتداء منك فالمسافة المتوسطة جهتنا وجهتك مستوعبة بالحجاب لا فراغ فيها ، فلو لم تأتٍ «مِنْ » لكان المعنى أن حجاباً حاصل وسط الجهتين .
والمقصود المبالغة بالتبايُن المُفرِط ، فلذلك جيء بِمِنْ{[48525]} قاله الزمخشري . وقال أبو البقاء : هو محصول على المعنى ؛ لأن المعنى في أكنة محجوبةٍ عن سماع ما تدعُونا إليه . ولا يجوز أن يكون نعتاً لأَكنَّةٍ ؛ لأن الأكنة الأغشية ، وليس الأغشية مما تدعونا{[48526]} إليه{[48527]} .
وقالوا : يعنى المشركين قلوبنا في أكنة أغطية ، والأكنة جمع كنان ، كأغطية جمع غطاء ، والكِنان هو الذي جعل فيه السهام ، والمعنى لا نفقهُ ما تقول ، وفي آذاننا وقر أي صممٌ فلا نسمعُ ما تقول ، والمعنى : إنا في ترك القبول عنك بمنزلة من لا يفهم ولا يسمع ومن بيننا وبينك حجاب ، خِلاف في الدين ، فلا نوافقك على ما تقول فاعمل أنت على دينك إنّا عاملون على ديننا{[48528]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.