اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَإِدۡبَٰرَ ٱلنُّجُومِ} (49)

قوله : { وَمِنَ الليل فَسَبِّحْهُ } أي صَلِّ له ، قال مقاتل : حتَّى صلاة المغربِ والعشاءِ «وإدْبَارَ النُّجُومِ » يعني الركعتين قبل صلاة الفجر وذلك حين تُدْبِرُ النجوم أي تغيب بضوء الصبح .

هذا قول أكثر المفسرين . وقال الضحاك : هي فريضة صلاة الصبح .

قوله : «وإدْبَارَ النّجُومِ » العامة على كسر الهمزة مصدراً ، بخلاف التي في آخر «ق »{[53325]} كما تقدم ، فإنَّ الفتح هناك لائق لأنه يراد به الجمع{[53326]} لدَبْر السجود أي أعْقَابِهِ .

على أنه قرأ سالم الجَعديُّ ويعقوب ، والمِنْهَالُ بن عمرو بفتحها{[53327]} هنا ؛ أي أعقاب النجوم وآثارها إذا غَرُبَتْ .

فصل

هذه الآية نظير قوله : { فَسُبْحَانَ الله حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } [ الروم : 17 ] وقد تقدم الكلام عليها .

قال ابن الخطيب : قال ههنا : «وإدبار النجوم » وقال في «ق » «وأَدْبَار السُّجُّودِ » فيحتمل أن يكون المعنى واحداً{[53328]} ، والمراد من السجود جمع ساجد ، والنُّجُوم سجود قال تعالى : { والنجم والشجر يَسْجُدَانِ } [ الرحمان : 6 ] .

وقيل : المراد من النجوم نجوم السماء . وقيل : النجم : ما لا ساق له من النبات قال تعالى : { وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السماوات والأرض . . . . } [ الرعد : 15 ] . والمراد من النجوم الوظائف وكل وظيفة نَجْمٌ في اللغة إذا فرغت من وظائف الصلاة{[53329]} فقل : سبحان الله كما تقدم .

ختام السورة:

روى أبيّ بن كعب - ( رضي الله عنه وأَرْضَاهُ ) {[1]} - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «مَنْ قَرَأَ سُورَة «والطُّورِ » كان حَقًّا على اللَّه - عزَّ وَجَلَّ - أن يُؤمِّنَهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْر وَأَنْ يُدْخِلَهُ بِنِعْمَتِهِ فِي جَنَّتِهِ »{[2]} .

( والله - سبحانه وتعالى - ) أعْلَمُ .


[1]:في النسختين تقدم. وندم تصحيح من الرازي. وانظر تصحيح ذلك وغيره في تفسير الإمام 28/117.
[2]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/605) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.
[53325]:وهي قوله تعالى: {وأدبار السجود} من الآية 40.
[53326]:وانظر البحر 8/153 والإتحاف 401 و402.
[53327]:البحر المرجع السابق وذكر في الإتحاف الفتح عن المُطوَّعي. انظر الإتحاف المرجع السابق وهي من الأربع فوق العشر المتواترة.
[53328]:عبارة الرازي: ويحتمل أن يقال: المعنى واحد وفي النسختين: أن يكون المعنى واحد.
[53329]:في ب الصلاة وفي أ الله. والتصحيح من ب.