اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَفَسِحۡرٌ هَٰذَآ أَمۡ أَنتُمۡ لَا تُبۡصِرُونَ} (15)

قوله : «أَفَسِحْرٌ » خبر مقدم و«هذا » مبتدأ مؤخر .

ودخلت الفاء قال الزمخشري : بمعنى كنتم تقولون للوحي : هذَا سِحرٌ فسحر هذا يريد{[53115]} هذا المِصْداق أيضاً سحر{[53116]} ؛ ودخلت الفاء لهذا المعنى ، وهذا تحقيقٌ للأمر ؛ لأن من يرى شيئاً ولا يكون الأمر على ما يراه فذلك الخطأ يكون لأجل أحد أمرين : إما لأمر عائدٍ إلى المرئيّ ، وإمَّا لأمرٍ عائد إلى الرائي ، فقوله : «أَفَسحرٌ هَذَا » أي هل في الموت{[53117]} شكٌّ أمْ هل في بصركم خَلَل ؟ ! فهو استفهام إنكار أي لا أمر مِنْهُمَا ثابتٌ فالذي تَرَوْنَهُ حق وقد كنتم تقولون : إنه ليس بحق{[53118]} ، وذلك أنهم كانوا ينسبون محمداً - صلى الله عليه وسلم - إِلى السحر ، وأنه يغطي الأبصار بالسِّحر ، وانشقاق القمر وأمثاله سحر ، فوبخوا به ، وقيل لهم : أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون{[53119]} .


[53115]:في (ب) يريد هذا مصداق.
[53116]:بالمعنى من الكشاف 4/23.
[53117]:في الرازي: المرئي.
[53118]:الرازي 28/247.
[53119]:قال بتلك العلة الإمام البغويّ وتبعه الخازن في مرجعيهما معالم التنزيل ولُباب التأويل 6/250.