قوله تعالى { واصبر لِحُكْمِ } . أي إلى أن يقع بهم العذاب الذي حكمت عليهم «فَإنَّكَ بِأَعْيُنِنَا » قراءة العامة بالفك ، وأبو السَّمَّال بإدغام النون فيما بعدها{[53318]} . وناسب جمع الضمير هنا جمع العين ألا تراه أفرد حَيْثُ أفردها في قوله : { وَلِتُصْنَعَ على عيني } [ طه : 39 ] . قاله الزمخشري{[53319]} . والمعنى : فَإنك بِمرأًى مِنَّا .
قال ابن عباس : نَرَى ما يُعْمَلُ بك . وقال الزجاج : إنك بحيث نراك ونحفظك فلا يصلون إلى مَكْرُوهِكَ{[53320]} .
قال ابن الخطيب : اللام في قوله «لِحُكْمِ رَبِّكَ » تحتمل وجوهاً :
أحدها : هي بمعنى «إلى » أي اصبر إلى أن يحكم الله .
الثاني : أن الصبر فيه معنى الثبات أي تَثَبَّت لحكم ربك واحْتَمِلْهُ .
الثالث : هي اللام التي للسبب ، يقال : لِم خرجت ؟ فتقول : لحكم فلان عليَّ بالخروج ، فقال : فَاصْبِرْ واجعل سبب الصبر امتثال الأمر ، أي فاصبر لهذا الحكم عليك لا لشيءٍ آخر{[53321]} .
قوله : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } تقدم الكلام على نظيره{[53322]} وقوله : «حِينَ تَقُومُ » قال سعيد بن جبير وعطاء : أي قل حين تقوم من مجلسك : سُبْحَانك اللهم وبحمدك ، فإن كان المجلس خيراً ازددتَ إحساناً وإن كان غير ذلك كان كفارةً له .
وروى أبو هريرة قال : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : «مَنْ جَلَسَ مَجْلِساً وكَثُر فيه لَغَطُهُ فقال قبل أن يقوم : سُبْحَانَكَ اللَّهُ وَبِحَمْدِك أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلهَ إلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ إلاَّ كَانَ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهُمَا » وقال ابن عباس ( - رضي الله{[53323]} عنهما - ) : معناه : صَلِّ لله حين تقوم من مقامك . وقال الضحاك والربيع : إذا قمت إلى الصلاة فقل : سبحانَك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جَدُّك ولا إله غيرك . وقال الكلبي : هو ذكر الله باللسان «حِينَ تَقُومُ » من الفراش إلى أن تدخل في الصلاة ، لِمَا رَوَى عاصمُ بنُ حُمَيْدٍ قال : «سألتُ عائشةَ بأيِّ شيءٍ كان يَفْتَتِحُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قيامَ الليل ؟ فقالت : كان إذا قَامَ كَبَّر عَشْراً ، وحَمِدَ الله عشراً وهَلَّلَ عَشْراً واسْتَغْفَر عَشْراً وقال : اللهم اغْفِرْ لي واهْدِنِي وارْزُقْنِي وعَافِنِي ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة » وقيل : حين تقوم لأمر ما ولاسيما إذا كنت تَنْتَصِبُ لمُجَاهَدةِ قومك ومُعَادَاتِهِم والدعاء عليهم «فسبح بحمد ربك » وبدل قيامك بالمناداة ، وانتصابك للانتقام بقيامك بذكر الله وتسبيحه{[53324]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.