قوله تعالى : { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الخيام } .
معنى «مقصورات » : أي : محبوسات ومنه القصر ؛ لأنه يحبس من فيه .
ومنه قول النحاة : «المقصور » ، لأنه حبس عن المد ، وحبس عن الإعراب أو حبس الإعراب فيه ، والنساء تمدح بملازمتهن البيوت{[54619]} كما قال قيس بن الأسلت : [ الطويل ]
وتَكْسَلُ عَنْ جِيرَانِهَا فَيَزُرنهَا *** وتغْفُلُ عَنْ أبْيَاتِهِنَّ فتُعْذَرُ{[54620]}
ويقال : امرأة مقصورة وقصيرة ، وقصورة بمعنى واحد .
وأنْتِ الَّتِي حبَّبْتِ كُلَّ قصيرةٍ *** إليَّ ، ولَمْ تَعْلَمْ بذاكَ القَصَائِرُ
عَنَيْتُ قِصاراتِ الحِجَالِ ولمْ أردْ *** قِصَارَ الخُطَا ، شرُّ النِّساءِ البَحاتِرُ{[54621]}
و«الخيام » : جمع «خَيْمة » ، وهي تكون من ثُمام وسائر الحشيش ، فإن كانت من شعر ، فلا يقال لها : خيمة ، بل بيت .
مَتَى كَانَ الخِيَامُ بِذِي طُلُوحٍ *** سُقيتِ الغَيْثَ أيَّتُهَا الخِيَامُ{[54622]}
فصل في أن جمال الحور يفوق الآدميات
اختلفوا أيهما أكثر حسناً وأتم جمالاً الحور أو الآدميات .
فقيل : الحور لما ذكر من صفتهن في القرآن والسُّنة ، ولقوله صلى الله عليه وسلم في دعائه في صلاة الجنائز : «وأبْدِلْ لَهُ دَاراً خَيْراً مِنْ داره ، وأبْدِلْ لَهُ زَوْجاً خَيْراً من زَوْجِه »{[54623]} .
وقيل : الآدميات أفضل من الحور العين بسبعين ألف ضعف ، روي ذلك مرفوعاً .
وقيل : إن الحور العين المذكورات في القرآن هن المؤمنات من أزواج النَّبيِّين والمؤمنين يخلقن في الآخرة على أحسن صورة . قاله الحسن البصري .
والمشهور أن الحور العين لسن من نساء أهل الدنيا ، إنما هن مخلوقات في الجنة ؛ لأن الله تعالى قال : { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ } وأكثر نساء أهل الدنيا مطموثات .
«الحور » : جمع حوراء وهي الشديدة بياض العين مع سوادها .
و«المقصورات » : المحبوسات المستورات في الخيام ، وهي الحجال ، لسن بالطَّوافات في الطرق ، قاله ابن عباس .
وقال عمر رضي الله عنه : «الخيمة » : درّة مجوفة{[54624]} . وقاله ابن عباس .
وقال : وهي فرسخ في فرسخ لها أربعة آلاف مصراع من ذهب{[54625]} .
قال أبو عبد الله الحكيم الترمذي في قوله تعالى : { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الخيام } : بلغنا في الرواية أن سحابة أمطرت من العرش ، فخلقن من قطرات الرحمة ، ثم ضرب على كل واحدة خيمة على شاطئ الأنهار سعتها أربعون ميلاً وليس لها باب ، حتى إذا دخل وليّ الله الجنة انصدعت الخيمة عن باب ليعلم ولي الله أن أبصار المخلوقين من الملائكة والخدم لم تأخذها ، فهي مقصُورة قد قصر بها عن أبصار المخلوقين .
وقال مجاهد : قصرن أطرافهن وأنفسهن على أزواجهن فلا يبتغين بدلاً{[54626]} .
وقال عليه الصلاة والسلام : «لوْ أنَّ امْرأةً مِنْ نساءِ أهْلِ الجنَّة اطَّلعَتْ على أهْلِ الأرْضِ لأضاءَتْ ما بينَهُما ، ولمَلأتْ ما بَيْنهُمَا ريحاً »{[54627]} .
وتقدَّم الكلام على قوله تعالى : { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.